ومن المؤسف جدا أن ما تم طبعه على الحجر مملوء بالأخطاء، دون أي اهتمام بفنون التصحيح والتحقيق، بل ولا بأبسط مستلزمات الكتاب، الامر الذي أدى إلى ابتعاد الجيل الناشئ عن مطالعة الكتب الاسلامية.
والدعوة إلى إحياء التراث - عزيزي القارئ - ليست ترفا فكريا أو بدعا من الامر، وإنما هي دعوة لإعادة بناء الانسانية من خلال رسم خط سيرها الفكري، ولاكتشاف تلك الذخائر التي من خلالها يتم إعادة بناء الانسان.
ولذا كثرت الدعوات في العقود الأخيرة من هذا القرن من أجل بعث هذا التراث وتأصيله، وخصوصا بعد نجاح الثورة الاسلامية وقيام دولتها في إيران بقيادة الامام الراحل الخميني العظيم. فحدثت كثير من التحولات التي لبت طموح الآملين في إحياء آثار الاسلام والمسلمين، فأنشأت كثيرا من المؤسسات التي عنيت بإحياء التراث، ومنها: مركز الأبحاث والدراسات الاسلامية التابع لمكتب الاعلام الاسلامي في الحوزة العلمية - قم.
الذي انبرى العلماء والفضلاء المحققين فيه وشمروا عن ساعد الجد لاحياء تراث الشيعة بدءا بمصنفات الشهيدين ومرورا بآثار العلامة وغيرهم من الأفذاذ الذين لا زالت مصنفاتهم تنتظر أن تكسى الحلة الجديدة لتخرج بأبهى صورة وأجمل هيئة.
وبما أن القرآن هو المصدر الرئيسي في التشريع الاسلامي وأقدس كتاب لدى المسلمين على شتى مذاهبهم، وبه ثبتت نبوة نبينا صلى الله عليه وآله، وهو معجزة الاسلام الخالدة، وهو المصدر الوحيد " القطعي الثبوت " باتفاق المسلمين وإجماعهم، لم تطاله يد التحريف ولم تطرأ عليه زيادة أو نقصان، ومع كل ذلك فهو الكتاب المهجور الذي غفل عنه المسلمون وراحوا يلهثون وراء الأفكار الدخيلة التي هي أبعد ما تكون عن توفير حلول ناجعة لمشاكل الانسانية.
ولا غرابة إذا قلنا: إن السبب الرئيسي في انحطاط المسلمين هو جهلهم بقيمة هذا الكتاب وما حواه من ثروات تشريعية وأخلاقية تكفل سعادة الانسان إلى نهاية الشوط.
مضافا إلى أن التعرف على القرآن الكريم له دور كبير في فهم العلوم الإلهية واستخراج الاحكام والقوانين الاسلامية العامة التي تعتبر حجر الأساس في صرح الدولة الاسلامية.