قوله تعالى (أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون) قال (يحتمل أن يكون من أزواجكم بيانا لما خلق، وأن يكون للتبعيض ويراد به العضو المباح منهن. وفى قراءة ابن مسعود ما أصلح لكم ربكم من أزواجكم فكأنهم كانوا يفعلون ذلك بنسائهم) قال أحمد: وقد أشار الزمخشري بهذه الإشارة للاستدلال بهذه الآية على خطر إتيان المرأة في غير المأتي، وبيانه أن من لو كانت بيانا لكان المعنى حينئذ على ذمهم بترك الأزواج، ولا شك أن ترك الأزواج مضموم إلى إتيان الذكران، وحينئذ يكون المنكر عليهم الجمع بين ترك الأزواج وإتيان الذكران لا أن ترك الأزواج وحده منكر، ولو كان الأمر كذلك لكان النصب في الثاني متوجها على الجمع، وكان إما الأفصح أو المتعين، وقد اجتمعت العامة على القراءة به مرفوعا ولا يتفقون على ترك الأفصح إلى ما لا مدخل له في الفصاحة أو في الجواز أصلا، فلما وضح ذلك تبين أن هذا المعنى غير مراد فيتعين حمل من على البعضية فيكون المنكر عليهم أمرين كل واحد منهما مستقل بالإنكار: أحدهما إتيان الذكران، والثاني مجانبة إتيان النساء في المأتي رغبة في إتيانهن في غيره، وحينئذ يتوجه الرفع لفوات الجمع اللازم على الوجه الأول واستقلال كل واحدة من هاتين العظيمتين بالنكير، والله الموفق.
(١٢٤)