قوله تعالى (قالوا لئن لم تنته يا لوط لتكونن من المخرجين) قال (أي من جملة من أخرجناه ولعلهم كانوا يخرجون من أخرجوه على أسوأ حال من تعنيف به واحتباس لأملاكه وأشباه ذلك) قال أحمد: وكثيرا ما ورد في القرآن خصوصا في هذه السورة العدول عن التعبير بالفعل إلى التعبير بالصفة المشتقة، ثم جعل الموصوف بها واحدا مع جمع كقول فرعون - لأجعلنك من المسجونين - وقولهم - سواء علينا أو عظت أم لم تكن من الواعظين - وقولهم - لتكونن من المرجومين - وقوله - إني لعملكم من القالين - وقوله تعالى في غيرها - رضوا بأن يكونوا مع الخوالف - وكذلك - ذرنا نكن مع القاعدين - وأمثاله كثيرة. والسر في ذلك والله أعلم أن التعبير بالفعل إنما يفهم وقوعه خاصة، وأما التعبير بالصفة ثم جعل الموصوف بها واحدا من جمع فإنه يفهم أمرا زائدا على وقوعه، وهو أن الصفة المذكورة كالسمة لموصوف ثابتة العلوق به كأنها لقب وكأنه من طائفة صارت كالنوع المخصوص المشهور ببعض السمات الرديئة. واعتبر ذلك لو قلت رضوا بأن يتخلفوا لما كان في ذلك مزيد على الإخبار بوقوع التخلف منهم لا غير، وانظر إلى المساق وهو قوله - رضوا بأن يكونوا مع الخوالف - كيف ألحقهم لقبا رديئا وصيرهم من نوع رذل مشهور بسمة التخلف حتى صارت له لقبا لاصقا به. وهذا الجواب عام في جميع ما يرد عليك من أمثال ذلك فتأمله واقدره قدره، والله الموفق للصواب.
قوله تعالى (إلا عجوز في الغابرين) قال (المجرور صفة لها كأنه قيل إلا عجوزا غابرة ولم يكن الغبور صفتها وقت تنجيتهم. قلت معناه إلا عجوزا مقدرا غبورها أي في الهلاك والعذاب) قال أحمد: وإن تعجلت برفع القاعدة