الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٣ - الصفحة ١٤١
قوله تعالى (قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم) قال (لما دخل قتادة الكوفة التفت عليه الناس فقال:
سلوا عما شئتم، فقال أبو حنيفة وكان شابا: سلوه عن النملة التي كلمت سليمان أذكرا كانت أم أنثى؟ فسألوه فأفحم، فقال أبو حنيفة: كانت أنثى، فقيل كيف لك ذلك؟ قال: لأن الله عز وجل قال - قالت نملة - ولو كانت ذكرا، لقال قال نملة) قال أحمد: لا أدرى العجب منه أم من أبي حنيفة أن يثبت ذلك عنه، وذلك أن النملة كالحمامة والشاة تقع على الذكر وعلى الأنثى لأنه اسم جنس، يقال نملة ذكر ونملة أنثى، كما يقولون حمامة ذكر وحمامة أنثى، وشاة ذكر وشاة أنثى، فلفظها مؤنث ومعناه محتمل، فيمكن أن تؤنث لأجل لفظها وإن كانت واقعة على ذكر، بل هذا هو الفصيح المستعمل، ألا ترى إلى قوله عليه الصلاة والسلام " لا تضحى بعوراء ولا عجفاء ولا عمياء " كيف أخرج هذه الصفات على اللفظ مؤنثة ولا يعنى الإناث من الأنعام خاصة فحينئذ قوله تعالى - قالت نملة - روعي فيه تأنيث اللفظ، وأما المعنى فيحتمل على حد سواء، وإنما أطلت في هذا وإن كان لا يتمشى عليه حكم لأنه نسبه إلى الإمام أبي حنيفة على بصيرته باللغة، ثم جعل هذا الجواب معجبا لنعمان على غزارة علمه، وتبصره بالمنقولات، ثم قرر الكلام على ما هو مصونا له، فيالله العجب العجاب والله الموفق للصواب.
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 139 141 145 149 150 152 154 ... » »»