الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ٢ - الصفحة ٧٩
قوله تعالى (وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وكنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون) قال (اللام لتوكيد النفي يعنون وما كان يستقيم الخ) قال أحمد:
وهذه تكفح وجوه القدرية بالرد، فإنها شاهدة شهادة تامة مؤكدة باللام على أن المهتدي من خلق الله له الهدى وأن غير ذلك محال أن يكون، فلا يهتدي إلا من هدى الله ولو لم يهده لم يهتد. وأما القدرية فيزعمون أن كل مهتد خلق لنفسه الهدى فهو إذا مهتد وإن لم يهده الله، إذ هدى الله للعبد خلق الهدى له، وفي زعمهم أن الله تعالى لم يخلق لأحد من المهتدين الهدى ولا يتوقف ذلك على خلقه، تعالى الله عما يقولون. ولما فطن الزمخشري ذلك جرى على عادته في تحريف الهدى من الله تعالى إلى اللطف الذي بسببه يخلق العبد الاهتداء لنفسه، فأنصف من نفسك واعرض قول القائل المهتدي من اهتدى بنفسه من غير أن يهديه الله: أي يخلق له الهدى على قوله تعالى حكاية عن
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 79 80 83 84 85 86 ... » »»