قوله تعالى (ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين) قال (التضرع تفعل من الضراعة وهي الذل) قال أحمد: وحسبك في تعين الإسرار في الدعاء اقترانه بالتضرع في الآية، فالإخلال به كالإخلال بالضراعة إلى الله في الدعاء، وإن دعاء لا تضرع فيه ولا خشوع لقليل الجدوى، فكذلك دعاء لا خفية ولا وقار يصحبه، وترى كثيرا من أهل زمانك يعتمدون الصراخ والصياح في الدعاء خصوصا في الجوامع حتى يعظم اللغط ويشتد وتستد المسامع وتستك ويهتز الداعي بالناس، ولا يعلم أنه جمع بين بدعتين رفع الصوت في الدعاء وفي المسجد، وربما حصلت للعوام حينئذ رقة لا تحصل مع خفض الصوت ورعاية سمت الوقار وسلوك السنة الثابتة بالآثار، وما هي إلا رقة شبيهة بالرقة العارضة للنساء والأطفال ليست خارجة عن صميم الفؤاد، لأنها لو كانت من أصل لكانت
(٨٣)