الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٦٣٢
وهو أن يقال لو عطف الصابئين ونصبه كما قرأ ابن كثير لأفاد أيضا دخولهم في جملة المتوب عليهم، ولفهم من تقديم ذكرهم على النصارى ما يفهم من الرفع من أن هؤلاء الصابئين وهم أوغل الناس في الكفر يتاب عليهم فما الظن بالنصارى ولكان الكلام جملة واحدة بليغا مختصرا والعطف إفرادي، فلم عدل إلى الرفع وجعل الكلام جملتين، وهل يمتاز بفائدة على النصب والعطف الافرادي؟ ويجاب عن هذا السؤال بأنه لو نصبه وعطفه لم يكن فيه إفهام خصوصية لهذا الصنف، لان الأصناف كلها معطوف بعضها على بعض عطف المفردات، وهذا الصنف من جملتها والخبر عنها واحد، وأما مع الرفع فينقطع عن العطف الافرادي وتبقى بقية الأصناف مخصصة بالخبر المعطوف به، ويكون خبر هذا الصنف المنفرد بمعزل تقديره مثلا والصابئون كذلك، فيجئ كأنه مقيس على بقية الأصناف وملحق بها، وهو بهذه المثابة لانهم لما استقر بعد الأصناف من قول التوبة فكانوا أحقاء بجعلهم تبعا وفرعا مشبهين بمن هم أقعد منهم بهذا الخبر، وفائدة التقديم على الخبر أن يكون توسط هذا المبتدا المحذوف الخبر بين الجزأين أدل على الخبر المحذوف من ذكره بعد تقضي الكلام وتمامه، والله أعلم.
(٦٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 627 628 629 630 631 632 633 635 636 637 638 ... » »»