الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٦٣٣
قوله تعالى (وأرسلنا إليهم رسلا كما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون) قال (إن قلت أين جواب الشرط الخ) قال أحمد: ومما يدل على حذف الجواب أنه جاء ظاهرا في الآية الأخرى وهي توأمة هذه قوله تعالى - أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون - فأوقع قوله استكبرتم جوابا، ثم فسر استكبارهم وصنيعهم بالأنبياء بقتل البعض وتكذيب البعض، ولو قدر الزمخشري ههنا الجواب المحذوف مثل المنطوق به في أخت الآية فقال: وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما تهوى أنفسهم استكبروا لكان أولى لدلالة مثله عليه. عاد كلامه: قال (فإن قلت لم جئ بأحد الفعلين ماضيا الخ) قال أحمد: أو يكون حالا على حقيقته لانهم داروا حول قتل محمد عليه أفضل الصلاة والسلام. وقد قيل هذا الوجه في أخت هذه الآية في البقرة، وقد مضى وجه اقتضاء صيغة الفعل المضارع لاستحضاره دون الماضي وتمثيله بقوله تعالى - ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة - فعدل عن فأصبحت إلى فتصبح تصويرا للحال واستحضارا لها في ذهن السامع ومنه:
بأني قد لقيت الغول تسعى * بسهب كالصحيفة صحصحان فآخذه فأضربها فخرت * صريعا لليدين وللجران وأمثاله كثيرة والله أعلم.
(٦٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 628 629 630 631 632 633 635 636 637 638 639 ... » »»