الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٦٢٩
قوله تعالى (ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم) قال: فيه دليل على أن الايمان لا ينجي الخ. قال أحمد: هو ينتهز الفرصة من ظاهر هذه الآية فيجعله دليلا على قاعدته في أن مجرد الايمان لا ينجي من الخلود في النار حتى ينضاف إليه التقوى، لان الله تعالى جعل المجموع في هذه الآية شرطا للتكفير ولادخال الجنة، وظاهره أنهما ما لم يجتمعا لا يوجد تكفير ولا دخول الجنة، وأنى له ذلك والاجماع والاتفاق من الفريقين أهل السنة والمعتزلة على أن مجرد الايمان يجب ما قبله ويمحوه كما ورد النص، فلو فرضنا موت الداخل في الايمان عقيب دخوله فيه لكان كيوم ولدته أمه باتفاق مكفرا الخطايا محكوما له بالجنة، فدل ذلك على أن اجتماع الامرين ليس بشرط، هذا إن كان المراد بالتقوى الأعمال، وإن كانت التقوى على أصل وضعها الخوف من الله عز وجل فهذا المعنى ثابت لكل مؤمن وإن قارف الكبائر، وحينئذ لا يتم للزمخشري منه غرض، وما هذا إلا إلحاح أو لجاج في مخالفة المعتقد المستفاد من قوله عليه الصلاة والسلام (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى أو سرق) كررها النبي صلى الله عليه وسلم مرارا ثم قال (وإن رغم أنف أبي ذر) لما راجعه رضي الله عنه في ذلك، ونحن نقول: وإن رغم أنف القدرية.
(٦٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 623 625 626 627 628 629 630 631 632 633 635 ... » »»