الإنصاف فيما تضمنه الكشاف - ابن المنير الإسكندري - ج ١ - الصفحة ٦٣١
والجزا طاهر لان حاصله: إن لم تبلغ الرسالة لم تبلغ الرسالة باتحاد المبتدا والخبر حتى لا يزيد الخبر عليه شيئا في الظاهر كقوله * أنا أبو النجم وشعري شعري * فجعل الخبر عين المبتدأ بلا مزيد في اللفظ، وأراد وشعري شعري المشهور بلاغته والمستفيض فصاحته، ولكنه أفهم بالسكوت عن هذه الصفات التي بها تحصل الفائدة أنها من لوازم شعره في أفهام الناس السامعين لاشتهاره بها، وأنه غني عن ذكرها لشهرتها وذياعها، وكذلك أريد في الآية لأن عدم تبليغ الرسالة أمر معلوم عند الناس مستقر في الافهام أنه عظيم شنيع ينقم على مرتكبه، بل عدم نشر العلم من العالم أمر فظيع فضلا عن كتمان الرسالة من الرسول، فاستغنى عن ذكر الزيادات التي يتفاوت بها الشرط أو الجزاء للصوقها بالجزاء في الافهام، وأن كل من سمع عدم تبليغ الرسالة فهم ما وراءه من الوعيد والتهديد وحسن هذا الأسلوب في الكتاب العزيز بذكر الشرط عاما بقوله وإن لم تفعل، ولم يقل وإن لم تبلغ الرسالة فما بلغت الرسالة حتى يكون اللفظ متغايرا، وهذه المغايرة اللفظية وإن كان المعنى واحدا أحسن رونقا وأظهر طلاوة من تكرار اللفظ الواحد في الشرط والجزاء، وهذه الذروة انحط عنها أبو النجم بذكر المبتدا بلفظ الخبر، وحق له أن تتضاءل فصاحته عند فصاحة المعجز فلا يعاب عليه في ذلك، وهذا الفصل كالباب من علم البيان، والله الموفق.
قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى) الآية. قال فيه (الصابئون رفع على الابتداء وخبره محذوف الخ) قال أحمد: صدق لا ورود للسؤال بهذا التوجيه، ولكن ثم سؤال متوجه
(٦٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 626 627 628 629 630 631 632 633 635 636 637 ... » »»