مآ أعبد (3) ولا أنا عابد ما عبدتم (4) ولا أنتم عبدون مآ أعبد (5) لكم دينكم ولى دين (6)) نزلت في نفر من قريش قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): هلم فاتبع ديننا ونتبع دينك، تعبد آلهتنا سنة، ونعبد إلهك سنة، فقال: معاذ الله أن أشرك بالله غيره، قالوا: فاستلم بعض آلهتنا نصدقك ونعبد إلهك، فنزلت، فغدا إلى المسجد الحرام وفيه الملا من قريش، فقام على رؤوسهم فقرأها، فيئسوا (1).
(لا أعبد) في المستقبل (ما تعبدون) لأن " لا " لا تدخل إلا على مضارع في معنى الاستقبال، كما أن " ما " لا تدخل إلا على مضارع في معنى الحال.
والمعنى: لا أفعل في المستقبل ما تطلبونه مني من عبادة آلهتكم. (ولا أنتم) فاعلون فيه ما أطلب منكم من عبادة إلهي.
(ولا أنا عابد ما عبدتم) أي: وما كنت قط عابدا فيما سلف ما عبدتم فيه، يعني: لم يعهد مني عبادة صنم في الجاهلية، فكيف يرجى مني في الإسلام؟
(ولا أنتم عبدون مآ أعبد) أي: وما عبدتم في وقت ما أنا على عبادته، ولم يقل: " ما عبدت " كما قال: (ما عبدتم) لأنهم كانوا يعبدون الأصنام قبل المبعث، ولم يكن له العبادة مشروعة في ذلك الوقت (2)، وأتى بلفظة " ما " دون " من " لأن المراد الصفة، كأنه قال: لا أعبد الباطل، ولا تعبدون الحق، وقيل: إن " ما " مصدرية، أي: لا أعبد عبادتكم، ولا تعبدون عبادتي (3).