تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٨٥٦
ربي، فيه خير كثير، هو حوض يرد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته من فضة عدد نجوم السماء، فيختلج القرن منهم فأقول: يا رب إنهم من أمتي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ". أورده مسلم في الصحيح (1).
وعن ابن عباس: أنه فسر الكوثر بالخير الكثير، فقال له سعيد بن جبير: فإن ناسا يقولون: هو نهر في الجنة، فقال: هو من الخير الكثير (2).
وقيل: هو كثرة النسل والذرية (3)، وقد ظهر ذلك في نسله من ولد فاطمة (عليها السلام)، إذ لا ينحصر عددهم، ويتصل - بحمد الله - إلى آخر الدهر مددهم.
وهذا يطابق ما ورد في سبب نزول السورة: أن العاص بن وائل السهمي سماه الأبتر لما توفي ابنه عبد الله (4). وقالت قريش: إن محمدا صنبور (5) (6). فيكون تنفيسا عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما وجده في نفسه الكبيرة من جهة مقالهم، وهدما لمحالهم.
وقيل: هو الشفاعة (7). واللفظ محتمل للجميع، فقد أعطاه سبحانه ما لا غاية لكثرته من خير الدارين.
وأما ما ذكره جار الله (8): أن الكوثر أولاده إلى يوم القيامة من أمته فليس

(١) صحيح مسلم: ج ١ ص ٣٠٠ ح 400 عن أنس.
(2) رواه الطبري في تفسيره: ج 12 ص 718 و 720.
(3) حكاه الرازي في تفسيره: ج 32 ص 124.
(4) أورده الواحدي في أسباب النزول: ص 404 ح 934 - 936 عن ابن عباس ويزيد بن رومان وعطاء.
(5) رجل صنبور: فرد ضعيف ذليل، لا أهل له ولا عقب ولا ناصر. (لسان العرب: مادة صنبر).
(6) أورده البغوي في تفسيره: ج 4 ص 534 عن عكرمة عن ابن عباس.
(7) حكاه الرازي في تفسيره: ج 32 ص 127.
(8) وهو الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 807.
(٨٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 851 852 853 854 855 856 857 858 859 861 862 ... » »»