تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٨٦٦
أفواجا (2) فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا (3)) (إذا جآء) ك يا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) (نصر الله) على من عاداك، وهم قريش (والفتح) يعني: فتح مكة. و (إذا) ظرف لقوله: (فسبح) وهذا من المعجزات والإخبار بالشيء قبل كونه. وكان فتح مكة لعشر مضين من شهر رمضان سنة ثمان، ومع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار وطوائف العرب، وأقام بها خمس عشرة ليلة، ثم خرج إلى هوازن، وهي غزاة حنين، وحين دخل مكة وقف على باب الكعبة ثم قال: " لا إله إلا الله وحده وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا إن كل مال ومأثرة ودم يدعى فهو تحت قدمي هاتين، إلا سدانة البيت وسقاية الحاج فإنهما مردودتان إلى أهليهما، ألا إن مكة محرمة بتحريم الله، لم تحل لأحد قبلي، ولم تحل لي إلا ساعة من نهار، وهي محرمة إلى أن تقوم الساعة، لا يختلى خلالها ولا يقطع شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا يحل لقطتها إلا لمنشد ". وكان صناديد قريش قد دخلوا الكعبة وهم يظنون أن السيف لا يرفع عنهم، فقال (عليه السلام) لهم: " ألا لبئس جيران النبي كنتم، لقد كذبتم وطردتم، ثم ما رضيتم حتى جئتموني في بلادي تقاتلونني، يا أهل مكة ما ترون أني فاعل بكم "؟ قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم، قال: " اذهبوا فأنتم الطلقاء ".
فأعتقهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد كان الله تعالى أمكنه من رقابهم عنوة، وكانوا له فيئا فلذلك سموا الطلقاء، ثم بايعوه على الإسلام (1).
(ورأيت الناس يدخلون في دين الله) أي: ملة الإسلام (أفواجا) جماعات كثيفة، كانت تدخل فيه القبيلة بأسرها بعدما كانوا يدخلون فيه واحدا فواحدا، واثنين اثنين.

(1) رواه ابن إسحاق في السيرة: ص 281.
(٨٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 859 861 862 863 865 866 867 868 869 870 871 ... » »»