تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٨٥٧
بالوجه، لأنه لا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز من غير ضرورة، وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للحسن والحسين (عليهما السلام): " ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا " (١). وقال للحسن (عليه السلام): " إن ابني هذا سيد " (٢). وفي التنزيل: ﴿ما كان محمد أبآ أحد من رجالكم﴾ (3)، فكيف يحمل الكوثر على أولاد أمته الذين أبى الله أن يكون رسوله أبا أحد منهم، ولا يحمل على أولاد ابنيه من ابنته الذين طبقوا البر والبحر وملاءوا السهل والجبل بكثرتهم؟
والنحر: نحر البدن، أي: (فصل) صلاة الفجر بجمع (وانحر) البدن بمنى، وقيل: صلاة الفرض (لربك) واستقبل القبلة بنحرك (4)، من قول العرب: منازلنا تتناحر، أي: تتقابل. وأما ما رووه (5) عن علي (عليه السلام): معناه: " ضع يدك اليمنى على اليسرى حذاء النحر " فمما لم يصح عنه، لأن عترته (عليه السلام) رووا عنه خلاف ذلك، وهو أن معناه: ارفع يديك إلى النحر في الصلاة (6).
(إن شانئك) إن من أبغضك من قومك (هو الأبتر) لا أنت، والأبتر: الذي لا عقب له.
فانظر في نظم هذه السورة الأنيق وترتيبه الرشيق مع قصرها ووجازتها،

(١) رواه الصدوق في علل الشرائع: ص ٢١١ ح ٢، والخزار القمي في كفاية الأثر: ص ٣٦، وتوفيق أبو علم في أهل البيت: ص ١٩٥ عنه إحقاق الحق: ج ١٩ ص ٢١٧.
(٢) رواه أحمد بن حنبل في المسند: ج ٥ ص ٤٤، وأبو نعيم في الحلية: ج ٢ ص ٣٥، والخطيب في تاريخ بغداد: ج ٣ ص ٢١٥، والحمويني في فرائد السمطين: ج ٢ ص ١١٥ ح ٤١٨، والعاملي في الفصول المهمة: ص ١٥٢، والحاكم في المستدرك: ج ٣ ص ١٦٩.
(٣) الأحزاب: ٤٠.
(٤) حكاه عنه البغوي في تفسيره: ج ٤ ص ٥٣٤.
(٥) رواه الطبري في تفسيره: ج ١٢ ص ٧٢١ من طرق عنه (عليه السلام).
(٦) رواه الشيخ في التهذيب: ج ٢ ص ٦٦ ح 537 باسناده عن ابن سنان عن الصادق (عليه السلام).
(٨٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 852 853 854 855 856 857 858 859 861 862 863 ... » »»