تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٨٥٢
ولا يحض على طعام المسكين (3) فويل للمصلين (4) الذين هم عن صلاتهم ساهون (5) الذين هم يرآءون (6) ويمنعون الماعون (7)) أي: هل عرفت (الذي يكذب) بالجزاء والحساب وينكر البعث؟ من هو، إن لم تعرفه (فذلك) الذي يكذب بالجزاء هو (الذي يدع اليتيم) أي: يدفعه دفعا عنيفا بجفوة وغلظة، ويرده ردا قبيحا بزجر وخشونة. (ولا يحض) ولا يبعث أهله (على) بذل (طعام المسكين) فلا يطعمه ولا يأمر بإطعامه، جعل سبحانه علم التكذيب بالجزاء منع المعروف والإقدام على إيذاء الضعيف، يعني: أنه لو آمن بالجزاء، وأيقن بالحساب، ورجا الثواب، وخاف العقاب لما أقدم على ذلك، فحين اجترأ على ذلك علم أنه مكذب.
فما أشد هذا من كلام! وما أخوفه من مقام! وما أبلغه في التحذير من ارتكاب المعاصي والآثام! وإنها جديرة بأن يستدل بها على ضعف الإيمان. ثم وصل به قوله: (فويل للمصلين) كأنه قال: وإذا كان الأمر كذلك فويل للمصلين (الذين) يسهون عن الصلاة قلة مبالاة بها حتى تفوتهم أو يخرج وقتها، أو: يستخفون بأفعالها فلا يصلونها كما أمروا في تأدية أركانها والقيام بحدودها وحقوقها، ولكن ينقرونها نقر الغراب من غير خشوع وإخبات واجتناب المكروهات من: العبث بالشعر والثياب، وكثرة التثاؤب، والتمطي، والالتفات، الذين عادتهم الرياء والسمعة بأعمالهم، ولا يقصدون به الإخلاص والتقرب إلى الله سبحانه على وجه الاختصاص (ويمنعون) حقوق الله تعالى في أموالهم. والمعنى: أن هؤلاء هم الأحقاء بأن يكونوا ساهين عن الصلاة التي هي عماد الدين، والفارق بين الإيمان والكفر، وملتبسين بالرياء الذي هو شعبة من الشرك، ومانعين للزكاة التي هي
(٨٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 846 847 848 849 851 852 853 854 855 856 857 ... » »»