تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٨٤٥
و (كيف) في موضع نصب ب‍ (فعل ربك) لا ب‍ (ألم تر)؛ لما في " كيف " من معنى الاستفهام.
(ألم يجعل كيدهم) وإرادتهم السوء في تخريب بيت الله وقتل أهله واستباحتهم (في تضليل) في تضييع وإبطال، يقال: ضلل كيده: إذا جعله ضالا ضائعا. (وأرسل عليهم طيرا أبابيل) حزائق (1)، الواحدة: إبالة، وفي المثل:
" ضغث على إبالة " (2)، وهي الحزقة الكبيرة، شبهت الحزقة من الطير في تضامها بالإبالة، وقيل: أبابيل مثل " عباديد " وشماطيط لا واحد لها (3). (ترميهم) تقذفهم تلك الطير (بحجارة من سجيل) من جملة العذاب المكتوب المدون، واشتقاقه من " الإسجال " وهو الإرسال، لأن العذاب موصوف بذلك، وقيل: من طين مطبوخ كما يطبخ الآجر (4)، وقيل: هو معرب من سنك كل (5)، وقيل: كانت طيرا بيضاء، مع كل طائر حجر في منقاره وحجران في رجليه أكبر من العدسة وأصغر من الحمصة (6). وقيل: كانت طيرا خضراء لها مناقير صفر (7). وعن ابن عباس: أنه رأى منها عند أم هاني نحو قفيز، مخططة بحمرة كالجزع الظفاري (8).

(١) الحزق والحزقة: الجماعة من الناس والطير والنخل وغيرها. (الصحاح).
(٢) الضغت: قبضة من حشيش مختلطة الرطب واليابس، والابالة: الحزمة من الحطب، ومعنى المثل: بلية على أخرى. راجع مجمع الأمثال للميداني: ج ٢ ص ٤٣٢.
(٣) قاله الفراء في معاني القرآن: ج 3 ص 292. والعباديد: الخيل المتفرقة في ذهابها ومجيئها، والشماطيط: القطع المتفرقة، يقال: جاءت الخيل شماطيط أي: متفرقة إرسالا.
(4) قاله ابن عباس في تفسيره: ص 519.
(5) وهو قول ابن عباس برواية عكرمة عنه وعكرمة وجابر بن سابط. راجع تفسير الطبري:
ج 12 ص 693 - 694.
(6) قاله قتادة. راجع المصدر السابق: ص 694.
(7) قاله سعيد بن جبير. راجع المصدر نفسه: ص 693.
(8) أخرجه السيوطي في الدر: ج 8 ص 633 عن أبي صالح - أحد تلاميذه - وعزاه إلى ابن مردويه وأبي نعيم. والقفيز: من المكاييل تتواضع الناس عليه، والجزع: خرز فيه بياض وسواد تشبه به الأعين، تجلب من اليمين، وظفار: موضع في اليمن.
(٨٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 839 840 841 843 844 845 846 847 848 849 851 ... » »»