تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٨٥٣
قنطرة الإسلام، وتكون صفاتهم هذه علما على أنهم مكذبون بالدين مفارقون لليقين.
وعن أنس: الحمد لله على أن لم يقل: في صلاتهم (1).
والمراءاة: مفاعلة من الاراءة، لأن المرائي يري الناس عمله، وهم يرونه الثناء عليه والإعجاب به، ولا يكون الرجل مرائيا بإظهار العمل الصالح إن كان فريضة، فمن حق الفرائض الإعلان بها وتشهيرها، لقوله (عليه السلام): " ولا غمة في فرائض الله " (2) لأنها شعائر الدين وأعلام الإسلام.
وقوله (عليه السلام): " من صلى صلاة الخمس جماعة فظنوا به كل خير " (3).
وقوله (عليه السلام) لأقوام لم يحضروا الجماعة: " لتحضرن المسجد أو لأحرقن عليكم منازلكم " (4).
ولأن تاركها يستحق الذم والتوبيخ فوجب إماطة التهمة بالإظهار. وإن كان تطوعا فالأولى فيه الإخفاء، لأنه مما لا يلام بتركه ولا تهمة فيه، فيكون أبعد من الرياء، فإن أظهره قاصدا للاقتداء به كان حسنا، فإنما الرياء أن يقصد بإظهاره أن يراه الناس فيثنوا عليه بالصلاح، على أن اجتناب الرياء أمر صعب إلا على المخلصين، ولذلك قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " الرياء أخفى من دبيب النملة السوداء في

(١) حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج ٤ ص ٨٠٥. والفرق بين " عن صلاتهم " و " في صلاتهم ": أن معنى الأول هو: أنهم ساهون عنها سهو ترك لها وقلة التفات إليها، وذلك فعل المنافقين والفسقة، ومعنى الثاني: أن السهو يعتريهم فيها بوسوسة شيطان وذلك لا يخلو منه مسلم.
(٢) رواه الزمخشري في الكشاف: ج ٤ ص ٨٠٥ مرسلا.
(٣) رواه الصدوق في الفقيه: ج ١ ص ٣٧٦ ح 1093.
(4) رواه الصدوق أيضا في الفقيه: ح 1092، ونحوه مسلم في الصحيح: ج 1 ص 452 ح 252.
(٨٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 847 848 849 851 852 853 854 855 856 857 858 ... » »»