وبين (أنى له الذكرى) تناقض. (يقول يليتنى قدمت لحياتى) هذه، وهي حياة الآخرة، أو: وقت حياتي في الدنيا، كقولك: جئته لخمس ليال مضين من شهر كذا، وفيه أوضح دلالة على أنهم كانوا مختارين لأفعالهم غير مجبرين عليها، وإلا فما معنى التحسر.
وقرئ: " يعذب " و " يوثق " بالفتح (١)، والضمير للإنسان الموصوف، وقيل:
هو أبي بن خلف، أي: لا يعذب أحد مثل عذابه، ولا يوثق أحد مثل وثاقه لتناهيه في كفره وعناده (٢) أو: لا يحمل عذابه أحد، كقوله: ﴿ولا تزر وازرة وزر أخرى﴾ (3)، وقرئ بالكسر، والضمير لله، أي: لا يتولى عذاب الله أحد؛ لأن الأمر لله وحده في ذلك اليوم، أو: للإنسان أي: لا يعذب أحد من الزبانية مثل ما يعذبونه.
(يأيتها النفس) على إرادة القول، أي: يقول الله للمؤمن: يا أيتها النفس إكراما له، كما كلم موسى (عليه السلام)، أو: على لسان ملك، و (المطمئنة) الآمنة التي لا يستفزها خوف ولا حزن، أو: المطمئنة إلى الحق التي سكنها روح العلم وثلج اليقين فلا يخالجها شك، وإنما يقال لها ذلك عند الموت، أو: عند البعث، أو: عند دخول الجنة، على معنى: (ارجعى إلى) موعد (ربك راضية) بما أوتيت (مرضية) عند الله. (فادخلى في) جملة (عبدى) الصالحين، (وادخلى جنتى) معهم. وقيل: النفس: الروح (4) والمعنى: فادخلي في أجساد عبادي، وقرأ ابن عباس: " في عبدي " (5)، وقال: ارجعي إلى صاحبك فادخلي في جسد عبدي (6).