تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٧٨٢
وروي أنه كان لعاد ابنان: شداد وشديد، فملكا وقهرا، ثم مات شديد وخلص الأمر لشداد فملك الدنيا، وسمع بذكر الجنة فقال: أبني مثلها، فبنى إرم في بعض صحاري عدن في ثلاثمائة سنة، وكان عمره تسعمائة سنة، وهي مدينة عظيمة، قصورها من الذهب والفضة، وأساطينها من الزبرجد والياقوت، وفيها أصناف الأشجار والأنهار المطردة، ولما تم بناؤها سار إليها بأهل مملكته، فلما كان منها على مسيرة يوم وليلة بعث الله عليهم صيحة من السماء فهلكوا (١).
وعن عبد الله بن قلابة: أنه خرج في طلب إبل له في الصحاري، فوقع عليها، فحمل ما قدر عليه مما ثم، وبلغ خبره معاوية فاستحضره فقص عليه، فبعث إلى كعب فسأله فقال: هي إرم ذات العماد، وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانك أحمر أشقر قصير، على حاجبيه خال وعلى عقبه خال، يخرج في طلب إبل له، ثم التفت فأبصر ابن قلابة فقال: هذا والله ذلك الرجل (٢).
(لم يخلق مثلها) أي: مثل عاد (في البلد) عظم أجرام وقوة، أو: لم يخلق مثل مدينة شداد في جميع البلاد. (جابوا الصخر) أي: قطعوا صخر الجبال واتخذوا فيها بيوتا، كقوله: ﴿وتنحتون من الجبال بيوتا﴾ (3). وقيل لفرعون:
" ذو الأوتاد " لكثرة جنوده ومضاربهم التي كانوا يضربونها إذا نزلوا، أو: لتعذيبه بالأوتاد كما فعل بآسية.
(الذين طغوا) نصب على الذم، أو: رفع على: هم الذين طغوا، أو: جر صفة للمذكورين: عاد وثمود وفرعون. يقال: صب عليه السوط وغشاه وقنعه، وذكر السوط إشارة إلى أن ما أجله بهم في الدنيا من العذاب بالقياس إلى ما أعده

(١) رواه الزمخشري في الكشاف: ج ٤ ص ٧٤٨.
(٢) رواه ابن كثير في تفسيره: ج ٤ ص ٥٠٩ عن وهب بن منبه عنه وعزاه إلى الثعلبي وابن أبي حاتم.
(٣) الشعراء: ١٤٩.
(٧٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 776 777 779 780 781 782 783 784 785 786 787 ... » »»