لهم في الآخرة كالسوط إذا قيس إلى سائر ما يعذب به، وكان الحسن إذا أتى على هذه الآية قال: إن عند الله أسواطا كثيرة فأخذهم بسوط منها (1).
(المرصاد) المكان الذي يترقب (2) فيه الرصد، مفعال من: رصده. وهذا مثل لإرصاده العصاة بالعقاب وأنهم لا يفوتونه، وعن عمرو بن عبيد: أنه قرأ هذه السورة عند المنصور حتى بلغ هذا الموضع فقال: (إن ربك لبالمرصاد) يا أبا جعفر. عرض له في هذا النداء بأنه من جملة من توعد بذلك من الجبابرة (3).
وعن ابن عباس في هذه الآية: أن على جسر جهنم سبعة محابس، يسأل الله عز وجل العبد عند أولها عن شهادة لا إله إلا الله، وعند الثاني عن الصلاة، وعند الثالث عن الزكاة، وعند الرابع عن الصوم، وعند الخامس عن الحج، وعند السادس عن العمرة، فإن أجاب بها تامة جاز إلى السابع فيسأل عن المظالم، فإن خرج منها وإلا يقال: انظروا، فإن كان له تطوع أكمل به أعماله، فإذا فرغ انطلق به إلى الجنة (4).
واتصل قوله: (فأما الانسن) بقوله: (إن ربك لبالمرصاد) كأنه قال: إن الله لا يريد من الإنسان إلا الطاعة، وهو مرصد بالعقوبة للعاصي، فأما الإنسان فلا يهمه إلا العاجلة، فإذا (ابتله ربه) وامتحنه و (أكرمه ونعمه) بما وسع عليه من المال (فيقول ربى أكرمن) وهو خبر المبتدأ الذي هو (الانسن)، ودخول الفاء لما في (أما) من معنى الشرط، والظرف المتوسط بين المبتدأ والخبر في تقدير التأخير، والتقدير: مهما يكن من شيء فالإنسان قائل: ربي أكرمني وقت الابتلاء، وسمى كلا الأمرين من بسط الرزق وتقديره: ابتلاء، لأن كل واحد منهما