تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٧٨٥
مع الحرص والشره (١).
(كلا) ردع عن ذلك وإنكار لفعلهم، ثم أتى بالوعيد، وذكر تحسرهم عندما فرطوا فيه حين لا تنفع الحسرة. و (يومئذ) بدل من (إذا دكت الأرض) وظرف ل‍ (يتذكر). (دكا دكا) أي: دكا بعد دك، أي: كرر عليها دك جبالها وأنشازها حتى استوت قاعا صفصفا.
(وجآء ربك) هذا تمثيل لظهور آيات قهره وسلطانه، مثل ذلك بحال الملك إذا حضر بنفسه ظهر بحضوره من آثار الهيبة والسياسة ما لا يظهر بحضور من سواه من جنوده وخواصه. (والملك صفا صفا) أي: ينزل ملائكة كل سماء فيصطفون صفا بعد صف، (وجاىء يومئذ بجهنم) كقوله: ﴿وبرزت الجحيم﴾ (2).
وعن أبي سعيد الخدري: أنها لما نزلت تغير وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعرف في وجهه، حتى اشتد على أصحابه، فأخبروا عليا (عليه السلام)، فجاء فاحتضنه من خلفه، ثم قبل بين عاتقيه ثم قال: يا نبي الله، بأبي أنت وأمي، ما الذي حدث اليوم؟ فقال:
جاء جبرائيل (عليه السلام) اليوم فأقرأني، وتلا الآية عليه، فقال له علي (عليه السلام): كيف يجاء بها؟ قال: يجيء بها سبعون ألف ملك يقودونها بسبعين ألف زمام، فتشرد شردة لو تركت لأحرقت أهل الجمع، ثم أتعرض لجهنم فتقول: مالي ولك يا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد حرم الله لحمك علي، فلا يبقى أحد إلا يقول: نفسي نفسي، وإن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: أمتي أمتي (3).
(يومئذ يتذكر الانسن) ما فرط فيه، أو: يتعظ (وأنى له الذكرى) أي:
ومن أين له منفعة الذكرى، لابد من تقدير حذف المضاف، وإلا فبين (يتذكر)

(١) في نسخة: " والشدة ".
(٢) الشعراء: ٩١، والنازعات: 36.
(3) أخرجه السيوطي في الدر: ج 8 ص 511 عن أبي سعيد وعزاه إلى ابن مردويه.
(٧٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 780 781 782 783 784 785 786 787 788 789 790 ... » »»