تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٧٨٤
لاختبار العبد أيشكر أم يكفر عند البسط، أو يصبر أم يجزع عند التقتير، فالحكمة فيهما واحدة، ونحوه قوله تعالى: ﴿ونبلوكم بالشر والخير فتنة﴾ (1)، وقرئ:
(قدر) بالتخفيف والتشديد (2)، وقرئ: " أكرمن " و " أهانن " بسكون النون في الوقف (3) في من ترك الياء في الدرج مكتفيا منها بالكسرة.
(كلا) ردع عن هذا القول، أي: ليس الأمر كما قال، فإني لا أغني المرء لكرامته علي ولا أفقره لمهانته عندي، ولكني أبسط الرزق لمن أشاء وأقدر بحسب ما توجبه الحكمة وتقتضيه المصلحة (بل) يفعلون ما يستحقون به الإهانة، فلا يؤدون ما يلزمهم في المال إذا أكرمتهم بالإكثار منه، من: إكرام اليتيم وحض الأهل على (طعام المسكين)، و " يأكلون " أكل الأنعام، ويحبونه فيبخلون به.
وقرئ: (تكرمون) وما بعده بالتاء على الخطاب (4). وقرئ: " ولا يحاضون " (5)، أي: يحض بعضكم بعضا.
(أكلا لما) ذا لم، وهو الجمع بين الحلال والحرام، أي: يجمعون في أكلهم بين نصيبهم من الميراث ونصيب غيرهم، وكانوا لا يورثون النساء والصبيان ويأكلون تراثهم مع تراثهم، وقيل: (يأكلون التراث) فيما يشتهون أكلا واسعا، ولا يخرجون ما وجب عليهم فيه من الحقوق (6). (حبا جما) أي: كثيرا شديدا

(١) الأنبياء: ٣٥.
(2) قرأه ابن عامر وحده. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 765.
(3) قرأه أبو عمرو برواية علي بن نصر وعباس وعبيد كلهم عنه. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 684 - 685.
(4) الظاهر أن المصنف رحمه الله قد اعتمد هنا على قراءة الياء على الغائب، وهي قراءة أبي عمرو وحده. راجع كتاب السبعة: ص 685.
(5) قرأه ابن مسعود وزيد بن علي (عليه السلام) وابن المبارك والكسائي برواية الشيرازي عنه. راجع البحر المحيط: ج 8 ص 471.
(6) قاله الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 751.
(٧٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 779 780 781 782 783 784 785 786 787 788 789 ... » »»