تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٥٠
وعن مجاهد: كل نبي أب لأمته (١)، ولذلك صار المؤمنون إخوة؛ لأن النبي أبوهم في الدين، وأزواجه أمهاتهم في تحريم النكاح، كما قال: (ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا) (٢) ولسن بأمهات لهم على الحقيقة، إذ لو كن كذلك لكانت بناتهن أخوات، فكان لا يحل للمؤمن من التزويج بهن (وأولوا الأرحام) أي:
ذوو الأنساب (بعضهم أولى ببعض) في الميراث بحق القرابة، وكان المسلمون في صدر الإسلام يتوارثون بالمؤاخاة في الدين وبالهجرة، فصارت هذه الآية ناسخة للتوارث بالهجرة والمؤاخاة (في كتب الله) في اللوح المحفوظ، أو: في القرآن (من المؤمنين) يجوز أن يكون بيانا لأولي الأرحام، أي: لأقرباء من هؤلاء بعضهم أولى بأن يرث بعضا من الأجانب، ويجوز أن يكون لابتداء الغاية، أي: أولي الأرحام بحق القرابة أولى بالميراث من المؤمنين بحق المؤاخاة، ومن المهاجرين بحق الهجرة (إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا) عنى بذلك وصية الرجل لإخوانه في الدين، وعدي (تفعلوا) ب‍ " إلى " لأنه في معنى " تسدوا " و " تزلوا "، (كان ذلك) المشار إليه من نسخ الميراث بالهجرة ورده إلى أولي الأرحام مكتوبا في اللوح أو القرآن أو التوراة.
واذكر حين أخذنا (من النبيين) جميعا (ميثاقهم) بتبليغ الرسالة والدعاء إلى التوحيد (ومنك) خصوصا (ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى) وإنما فعلنا ذلك ليسأل الله تعالى يوم القيامة عند تواقف الأشهاد المؤمنين الذين صدقوا عهدهم فيشهد الأنبياء لهم بأنهم صدقوا عهدهم وكانوا مؤمنين، أو: ليسأل الأنبياء ما الذي أجابتهم به أممهم كقوله: ﴿ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين﴾ (3)،

(١) تفسير مجاهد: ص ٥٤٦.
(٢) الآية: ٥٣.
(٣) المائدة: ١١٦.
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»