نواحيها كلها ينهبونهم (ثم سئلوا) عند ذلك الفزع و (الفتنة) أي: الردة والرجعة إلى الكفر ومقاتلة المسلمين لأتوها أي: لجاؤوها وفعلوها، وقرئ: (لآتوها) (1) أي: لأعطوها (وما تلبثوا بها) أي: وما لبثوا بالمدينة بعد ارتدادهم (إلا يسيرا) فإن الله يهلكهم، وقيل: وما تلبثوا بها أي: ما لبثوا عطاءها وإجابتهم إليها إلا يسيرا، ريثما يكون السؤال والجواب من غير توقف (2).
(كانوا عاهدوا الله) ورسوله (من قبل) ليلة العقبة أن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم (مسئولا) أي: مطلوبا يسألون عنه في الآخرة. (قل لن ينفعكم الفرار) مما لا بد لكم من نزوله بكم من حتف أنف أو قتل، وإن ينفعكم الفرار - مثلا - فمتعتم بالتأخير لم يكن ذلك التمتيع إلا زمانا قليلا.
(المعوقين) المثبطون عن رسول الله، وهم المنافقون يقولون (لإخوانهم) من ضعفة المسلمين: ما محمد وأصحابه إلا أكلة رأس ولو كانوا لحما لالتهمهم هؤلاء، فخلوهم و (هلم إلينا) أي: تعالوا وقربوا أنفسكم إلينا، وهي لغة الحجاز يستوون فيه بين الواحد والجماعة، وأما تميم فيقولون: هلم، هلما، هلموا، وهي صوت سمي به فعل متعد مثل: احضر وقرب (إلا قليلا) أي: إتيانا قليلا، يخرجون مع المؤمنين ولا يبارزون ولا يقاتلون إلا شيئا قليلا إذا اضطروا إليه، كقوله: و (ما قاتلوا إلا قليلا).
(أشحة عليكم) في وقت الحرب أضناء بكم، يترفرفون حولكم كما يفعل