تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٥٥
نواحيها كلها ينهبونهم (ثم سئلوا) عند ذلك الفزع و (الفتنة) أي: الردة والرجعة إلى الكفر ومقاتلة المسلمين لأتوها أي: لجاؤوها وفعلوها، وقرئ: (لآتوها) (1) أي: لأعطوها (وما تلبثوا بها) أي: وما لبثوا بالمدينة بعد ارتدادهم (إلا يسيرا) فإن الله يهلكهم، وقيل: وما تلبثوا بها أي: ما لبثوا عطاءها وإجابتهم إليها إلا يسيرا، ريثما يكون السؤال والجواب من غير توقف (2).
(كانوا عاهدوا الله) ورسوله (من قبل) ليلة العقبة أن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم (مسئولا) أي: مطلوبا يسألون عنه في الآخرة. (قل لن ينفعكم الفرار) مما لا بد لكم من نزوله بكم من حتف أنف أو قتل، وإن ينفعكم الفرار - مثلا - فمتعتم بالتأخير لم يكن ذلك التمتيع إلا زمانا قليلا.
(المعوقين) المثبطون عن رسول الله، وهم المنافقون يقولون (لإخوانهم) من ضعفة المسلمين: ما محمد وأصحابه إلا أكلة رأس ولو كانوا لحما لالتهمهم هؤلاء، فخلوهم و (هلم إلينا) أي: تعالوا وقربوا أنفسكم إلينا، وهي لغة الحجاز يستوون فيه بين الواحد والجماعة، وأما تميم فيقولون: هلم، هلما، هلموا، وهي صوت سمي به فعل متعد مثل: احضر وقرب (إلا قليلا) أي: إتيانا قليلا، يخرجون مع المؤمنين ولا يبارزون ولا يقاتلون إلا شيئا قليلا إذا اضطروا إليه، كقوله: و (ما قاتلوا إلا قليلا).
(أشحة عليكم) في وقت الحرب أضناء بكم، يترفرفون حولكم كما يفعل

(١) تقدمت الإشارة إلى أن المصنف قد اعتمد في تفسيره هذا على نسخة مصحف لغير قراءة حفص عن عاصم. وممن قرأها بالقصر ابن كثير ونافع وابن عامر وأبو جعفر. راجع التبيان:
ج ٨ ص ٣٢١
.
(2) قاله الزمخشري في الكشاف: ج 3 ص 528.
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»