تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٤٨
اظاهر (1) بمعنى تظاهر، و " تظهرون " من: اظهر (2) بمعنى. تظهر، وأصل الظهار أن يقول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي، يقال: ظاهر من امرأته، وكان ذلك طلاقا في الجاهلية، يتجنبون المرأة المظاهر منها كما يتجنب المطلقة، فكان معنى قولهم: تظاهر منها: تباعد منها بجهة الظهار، وتظهر منها: تحرز منها، وظاهر منها: حاذر منها. ونظيره: آلى من امرأته لما ضمن معنى التباعد منها، عدي ب‍ " من ".
ومعنى قولهم: أنت علي كظهر أمي، أنهم أرادوا أن يقولوا كبطن أمي في التحريم، فكنوا عن البطن بالظهر، لأن ذكر البطن يقارب ذكر الفرج.
(ذلكم) النسب هو (قولكم بأفواهكم): هذا ابني، ولا حقيقة له عند الله (والله يقول الحق) أي: لا يقول إلا الذي يوافق الحقيقة (وهو يهدى السبيل) ولا يهدي إلا سبيل الحق، فقال ما هو الحق، وهدى إلى ما هو سبيل الحق، وهو قوله: (ادعوهم لابآئهم هو أقسط عند الله) أي: أعدل حكما وقولا (فإن لم تعلموا) لهم آباء فهم (إخوانكم في الدين) وأولياؤكم، أي: بنو أعمامكم وناصروكم، وقيل: (ومواليكم): معتقوكم إذا أعتقتموهم فلكم ولاؤهم (3) (وليس عليكم جناح) أي: إثم (فيما أخطأتم به) إذا نسبتموهم إلى المتبني لظنكم أنه أبوه، و (ما تعمدت) في محل الجر عطفا على (ما أخطأتم)، ويجوز أن يكون مبتدأ محذوف الخبر، والتقدير: ولكن ما تعمدت قلوبكم فيه الجناح، ويجوز أن يكون المراد العفو عن الخطأ دون العمد على طريق العموم، كقوله (عليه السلام):

(١) قرأه ابن عامر. راجع التبيان: ج ٨ ص ٣١٢.
(٢) وهي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو. راجع المصدر السابق.
(٣) حكاه الشيخ الطوسي في التبيان: ج ٨ ص ٣١٥.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»