تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٤٧
أن يكون الجملة الواحدة متصفة بكونها مريدة كارهة لشيء واحد في حالة واحدة إذا أريد بأحد القلبين وكره بالآخر، فكذلك لا تكون المرأة الواحدة اما لرجل وزوجة له، ولا يكون الرجل الواحد دعيا لرجل وابنا له؛ لأن الابن هو العريق في النسب، والدعي لاصق في التسمية لا غير، ولا يجتمع في الشيء أن يكون أصيلا وغير أصيل.
وهذا مثل ضربه الله تعالى في زيد بن حارثة، وهو رجل من كلب، سبى في الجاهلية فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة، فلما تزوجها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهبته له، وقيل: بل اشتراه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بسوق عكاظ وأسلم، فقدم أبوه حارثة بن شراحيل الكلبي بمكة واستشفع بأبي طالب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أن يبيعه منه، فقال (عليه السلام): هو حر فليذهب حيث شاء، فأبى زيد أن يفارق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال أبوه: يا معشر قريش، اشهدوا أن زيدا ليس بابني، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): اشهدوا أن زيدا ابني، فكان يدعى زيد بن محمد، فلما تزوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) زينب بنت جحش - وكانت تحت زيد بن حارثة - قالت اليهود والمنافقون: تزوج محمد امرأة ابنه، وهو ينهى الناس عن ذلك، فأنزل الله عز وجل هذه الآية، قوله: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله) (1).
وقرئ: (الئى) بهمزة ممدودة مشبعة بعدها ياء. وقرئ: " اللآء " بهمزة ممدودة مختلسة لا ياء بعدها (2)، وقرئ: " اللاي " بغير همزة ولا مد حيث كانت من القرآن (3)، وقرئ: (تظهرون) من: ظاهر، و " تظاهرون " من:

(١) وهو ما رواه القمي في تفسيره: ج ٢ ص ١٧٢ باسناده عن الصادق (عليه السلام)، والآية: ٤٠ منها.
(٢) قرأه ابن كثير ونافع وأبو جعفر. راجع التبيان: ج ٨ ص ٣١٢.
(3) وهي قراءة ابن كثير برواية ابن فليح عن أصحابه عنه، وكذلك قرأها أبو عمرو راجع كتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد: ص 518.
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»