تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٤٥٤
والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الارض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى (32) أفرءيت الذي تولى (33) وأعطى قليلا وأكدى (34) أعنده علم الغيب فهو يرى (35) أم لم ينبأ بما في صحف موسى (36) وإبراهيم الذي وفى (37) ألا تزر وازرة وزر أخرى (38) وأن ليس للانسن إلا ما سعى (39) وأن سعيه سوف يرى (40) ثم يجزاه الجزآء الأوفى (41)) تعلق قوله: (ليجزى) بما قبله، لأن المعنى: أنه سبحانه إنما خلق (ما في السموات وما في الأرض) لهذا الغرض، وهو أن يجازي المسيئين والمحسنين بالإساءة والإحسان، أو: يتعلق بقوله: (هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى) لأن نتيجة العلم بالضال والمهتدي جزاؤهما بأعمالهما، ومعنى (الحسنى): المثوبة الحسنى، وهي الجنة. ويجوز أن يريد بسبب ما عملوا من السوء وبسبب الأعمال الحسنى.
(الذين يجتنبون كبائر الاثم) أي: عظائم الذنوب (والفوحش) جمع الفاحشة، وقرئ: " كبير الإثم " (1) أي: النوع الكبير منه، (إلا اللمم) وهو ما قل منه، ومنه اللمم: المس من الجنون، وألم الرجل بالمكان: إذا قل فيه لبثه، وألم بالطعام: إذا قل منه أكله، وهو استثناء منقطع أو صفة، كأنه قال: كبائر الإثم غير اللمم، وقيل: هو النظرة والغمزة والقبلة وما كان دون الزنا من الذنوب (2)،

(1) قرأه حمزة والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 615.
(2) قاله ابن عباس وابن مسعود وأبو هريرة ومسروق والشعبي. راجع تفسير الطبري: ج 11 ص 526 و 527.
(٤٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 449 450 451 452 453 454 455 456 457 458 459 ... » »»