وعن السدي: الخطرة من الذنب (1)، وعن الكلبي: كل ذنب لم يذكر الله عليه حدا ولا عقابا (2) (إن ربك واسع المغفرة) تسع مغفرته الذنوب ولا يضيق عنها حين، (أنشأكم) أي: أنشأ أباكم آدم (من) أديم (الأرض) وفي وقت كونكم (أجنة) في الأرحام، فهو يعلم ميل طباعكم إلى اللمم (فلا تزكوا أنفسكم) فلا تنسبوها إلى الزكاة والطهارة من المعاصي، ولا تثنوا عليها فقد علم الله الزكي منكم والتقي أولا وآخرا، وقيل: كان ناس يعملون أعمالا حسنة ثم يقولون: صلاتنا وزكاتنا وصيامنا وعباداتنا... فنزلت (3)، وهذا إذا كان على سبيل الإعجاب أو الرياء.
روي (4): أن عثمان كان يعطي ماله، فقال له عبد الله بن سعد بن أبي سرح وهو أخوه من الرضاعة: يوشك أن لا يبقى لك شيء، فقال له عثمان: إن لي ذنوبا وخطايا وإني أطلب بما أصنع رضا الله، فقال عبد الله: أعطني ناقتك برحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها، فأعطاه وأشهد عليه وأمسك عن العطاء، فنزلت:
(أفرءيت الذي تولى) عن الخير (وأعطى قليلا وأكدى) وقطع عطيته وأمسك، وأصله من: أكدى الحافر إذا بلغ الكدية، وهي صلابة كالصخرة إذا بلغ الحافر إليها يئس من الماء فأمسك عن الحفر. (أعنده علم الغيب) أي: ما غاب عنه من أمر العذاب (فهو يرى) أي: يعلم أن ما قاله له أخوه من احتمال أوزاره حق؟ ألم يخبر (بما في صحف موسى) من أسفار التوراة (و) في صحف (إبرهيم الذي وفى) أي: تمم ووفر ما أمر به، وإنما أطلق ليتناول كل توفية من: تبليغ الرسالة،