الحقيقة مسميات، لأنكم تسمون آلهة ما هو أبعد شيء منها، أو: ضمير اللات والعزى ومناة، أي: ما هذه الأسماء التي سميتموها بهواكم وزعمتم أن اللات من " الله " والعزى من " العزيز "، ليس لكم من الله على صحة تسميتها برهان تتمسكون به، يقال: سميته زيدا وبزيد (إن يتبعون إلا الظن) إلا توهم أن ما هم عليه حق، وما تهواه أنفسهم، ويتركون ما جاءهم من (الهدى) والأدلة على أن ما هم عليه باطل.
(أم للانسن ما تمنى) هي " أم " المنقطعة، والهمزة للإنكار، أي: ليس للإنسان ما تمنى من نعيم الدنيا والآخرة، بل يفعله تعالى بحسب المصلحة. (فلله الآخرة والأولى) يعطي منها من يشاء ويمنع من يشاء، يعني: أن الملائكة مع كثرتهم وقربهم ومنزلتهم من الله (لا تغنى شفعتهم) عن أحد (شيئا إلا) بعد (أن يأذن الله) لهم في الشفاعة إليه (لمن يشآء ويرضى) لهم أن يشفعوا فيه من أهل الإيمان والتوحيد، فكيف تشفع الأصنام إليه لعابديهم؟!
(يسمون الملئكة تسمية الأنثى) بقولهم: إن الملائكة بنات الله. (وما لهم به) أي: بما يقولون (من علم)، (وإن الظن لا يغنى من الحق شيئا) لأن حقيقة الشيء إنما تدرك بالعلم والتيقن لا بالظن والتوهم.
(فأعرض عن) دعوة (من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحيوة الدنيا) ومنافعها ولذاتها. (ذلك مبلغهم من العلم) أي: ذلك منتهى علمهم، وهو مبلغ خسيس لا يرضى به لنفسه عاقل (إن ربك هو أعلم) بالضال والمهتدي فيجازيهما على حسب ما يستحقانه.
(ولله ما في السموات وما في الأرض ليجزى الذين أسوا بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى (31) الذين يجتنبون كبائر الإثم