وأن نظائر ذلك من الهنات كانت تفرط منهم، وأن بعضهم يريمهم (1) التقوى عن الحسادة على ذلك، وهم الذين استثناهم بقوله: (ولكن الله حبب إليكم الإيمان) أي: إلى بعضكم، وهم (الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى)، والمعنى في تحبيب الله وتكريهه: اللطف والإمداد بالتوفيق، وكل عاقل يعلم أن الرجل لا يكون ممدوحا بفعل غيره، وإذا حملت الآية على ظاهرها أدى ذلك إلى أن الله جل وعز أثنى عليهم بفعل نفسه، و (الكفر): تغطية نعم الله تعالى وغطيها بالجحود (والفسوق) الخروج عن قصد الإيمان ومحجته بركوب المعاصي، وقيل: هو الكذب (2) وهو المروي عن الباقر (عليه السلام) (3) (والعصيان) المعصية (أولئك هم الرشدون) المهتدون إلى محاسن الأمور، المستقيمون على الحق. (فضلا) مفعول له أو مصدر من غير فعله، والفضل والنعمة بمعنى الإفضال والإنعام.
وعن ابن عباس قال: وقف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على مجلس بعض الأنصار وهو على حمار، فراث (4) الحمار فأمسك عبد الله بن أبي بأنفه فقال: خل سبيل حمارك فقد آذانا نتنه، فقال عبد الله بن رواحة: والله لحمار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أطيب ريحا منك، ومضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وطال الخوض بينهما حتى استبا وجاء قومهما الأوس والخزرج فتجالدوا بالعصي فرجع إليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأصلح بينهم، فنزلت، وقرأها عليهم فاصطلحوا (5).
والبغي: الاستطالة والظلم، والفيء: الرجوع، وقد يسمى به الظل والغنيمة؛ لأن الظل يرجع، والغنيمة: ما ترجع إلى المسلمين من أموال الكفار (فإن فاءت) أي: