بالقول كجهر بعضكم لبعض) أي: لا تجهروا له جهرا مثل جهر بعضكم لبعض، وهذا يدل على أنهم نهوا عن جهر موصوف بمماثلة ما قد اعتادوه منه فيما بينهم، وهو أن يكون خاليا من مراعاة حشمة النبوة وجلالة مقدارها، وقيل: معناه: ولا تقولوا: يا محمد يا أحمد، كما يخاطب بعضكم بعضا، بل خاطبوه بالتعظيم وقولوا:
يا رسول الله (1).
وعن ابن عباس: نزلت في ثابت بن قيس بن شماس وكان في أذنه وقر، وكان جهوري الصوت، فكان إذا كلمه رفع صوته وربما تأذى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بصوته (2).
وعن أنس: لما نزلت الآية فقد ثابت، فتفقده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبر بشأنه، فدعاه فسأله، فقال: يا رسول الله، لقد أنزلت هذه الآية وإني رجل جهير الصوت فأخاف أن يكون عملي قد حبط، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لست هناك، إنك تعيش بخير وتموت بخير وإنك من أهل الجنة " (3).
(أن تحبط أعملكم) مفعول له، ومعناه: انتهوا عما نهيتم عنه لحبوط أعمالكم أي: لخشية حبوطها، فحذف المضاف (وأنتم لا تشعرون) أن أعمالكم حبطت.
(إن الذين يغضون أصوتهم) أي: يخفضونها عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إجلالا له (أولئك الذين امتحن الله قلوبهم) أي: اختبرها فأخلصها (للتقوى) من قولهم: