تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٤٠٥
القوم: رجال خاصة لأنهم القوام بأمور النساء، وهو في الأصل جمع " قائم "، كصوم وزور في جمع " صائم " و " زائر "، قال زهير:
وما أدري وسوف إخال أدري * أقوم آل حصن أم نساء (١) والمعنى (لا يسخر) بعض الرجال من بعض، ولا بعض النساء من بعض، وقوله: (عسى أن يكونوا خيرا منهم) كلام مستأنف، وقد ورد مورد جواب المستخبر عن العلة الموجبة لما جاء النهي عنه، والمعنى: أن المسخور منه ربما كان عند الله خيرا من الساخر، فينبغي أن لا يستهزئ أحد بمن يراه رث الحال أو ذا عاهة، فلعله أتقى عند الله وأخلص ضميرا ممن هو على ضد صفته، فيكون قد حقر من وقره الله. (ولا تلمزوا أنفسكم) أي: لا يطعن بعضكم على بعض، ومثله ﴿لا تقتلوا أنفسكم﴾ (2) لأن المؤمنين كنفس واحدة، أي: حصنوا أنفسكم بالانتهاء عن عيبها والطعن فيها، ولا عليكم أن يعتبوا (3) غيركم ممن لا يدين بدينكم.
وفي الحديث: " اذكروا الفاجر بما فيه كي يحذره الناس " (4).
واللمز: الطعن والعيب في المشهد، والهمز: في الغيب، وقيل: إن اللمز ما يكون باللسان وبالعين والإشارة، والهمز لا يكون إلا باللسان (5). (ولا تنابزوا بالألقب) أي: لا تداعوا بها، وهو تفاعل من النبز، وبنو فلان يتنابزون ويتنازبون

(١) البيت من قصيدة طويلة يهجو فيها قوما من بني غليب، يقول: سأبحث عن حقيقة أمر هؤلاء الناس أرجال هم أم نساء! وهذا هزء بهم وتوعد لهم. راجع ديوان زهير بن أبي سلمى:
ص ١٢.
(٢) النساء: ٢٩.
(٣) في نسخة: " تعيبوا ".
(٤) أخرجه العجلوني في كشف الخفاء: ج ١ ص ١١٤ و ج ٢ ص ٤٩٢، وابن حجر في الكاف الشاف: ص ١٥٧، والشهيد الثاني في كشف الريبة: ص ٧٩.
(٥) قاله الطبري كما في تفسير القرطبي: ج ١٦ ص ٣٢٧.
(٤٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 ... » »»