تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٤٠٦
بمعنى، والتلقيب المنهي عنه هو ما يدخل على المدعو به كراهة لكونه ذما له وشينا، فأما ما يحبه وما يزينه وينوه به فلا بأس به.
وفي الحديث: " من حق المؤمن على أخيه أن يسميه بأحب أسمائه إليه " (1).
وعن ابن عباس: أن أم سلمة ربطت حقويها بسبيبة - وهي ثوب أبيض - وسدلت طرفها خلفها فكانت تجره، فقالت عائشة لحفصة: انظري ما تجر خلفها كأنه لسان كلب، فهذه كانت سخريتها (2). وقيل: إنها عيرتها بالقصر وأشارت بيدها أنها قصيرة (3).
وقيل: إن صفية بنت حيي أتت رسول الله تبكي وقالت: إن عائشة تعيرني وتقول: يا يهودية بنت يهوديين، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " هلا قلت إن أبي هارون، وإن عمي موسى، وإن زوجي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) " فنزلت (4).
(بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان) الاسم هنا بمعنى الذكر من قولهم: طار اسمه في الناس بالكرم أو باللؤم، أي: صيته وذكره، وحقيقته: ما سما من ذكره وارتفع بين الناس، كأنه قال: بئس الاسم المرتفع للمؤمنين بسبب ارتكاب هذه الجرائر أن يذكروا بالفسوق. وفي قوله: (بعد الايمن) ثلاثة أوجه: أحدها:
استقباح الجمع بين الإيمان والفسق، كما يقال: بئس الشأن بعد الكبر الصبوة.
والثاني: أن يكون المعنى: بئس الذكر أن يذكر الرجل بالفسق بعد إيمانه، وذلك أنهم كانوا يقولون لمن أسلم من اليهود: يا يهودي يا فاسق، فنهوا عنه، وتكون الجملة

(1) رواه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 369.
(2) تفسير ابن عباس: ص 436.
(3) أخرجه الطبري في تفسيره: ج 11 ص 395 عن حسان بن المخارق.
(4) قاله ابن عباس. راجع أسباب النزول للواحدي: ص 334 ح 812 وأورده القمي علي بن إبراهيم في تفسيره: ج 2 ص 329.
(٤٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 ... » »»