تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٤٠٨
وروي: أن أبا بكر وعمر بعثا سلمان إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليأتي لهما بطعام، فبعثه إلى أسامة بن زيد - وكان خازن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على رحله - فقال: ما عندي شيء، فعاد إليهما فقالا: بخل أسامة، ولو بعثنا سلمان إلى بئر سميحة لغار ماؤها، ثم انطلقا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال لهما: ما لي أرى خضرة اللحم في أفواهكما؟ قالا: يا رسول الله، ما تناولنا اليوم لحما! قال: ظللتم تأكلون لحم سلمان وأسامة، فنزلت (1).
(واتقوا الله) بترك ما أمرتم باجتنابه، والندم على ما وجد منكم منه (إن الله تواب) يقبل توبتكم.
(إنا خلقنكم من ذكر وأنثى) من آدم وحواء، وقيل: خلقنا كل واحد منكم من أب وأم، فما منكم أحد إلا وهو يدلي بمثل ما يدلي به الآخر (2)، فلا وجه للتفاخر والتفاضل في النسب (وجعلناكم شعوبا) جمع شعب وهو الطبقة الأولى من طبقات الست مثل مضر وربيعة (وقبائل) وهي دون الشعوب كبكر بن (3) ربيعة وتميم بن (4) مضر، ثم العمارة دون القبيلة، ثم البطن، ثم الفخذ، ثم الفصيلة (لتعارفوا) أي: لتتعارفوا فيعرف بعضكم بعضا بنسبه وأبيه وقومه، لا لأن تتفاخروا بالآباء والأجداد وتدعوا التفاوت والتفاضل، ثم بين سبحانه الخصلة التي يكتسب الإنسان بها الكرم والشرف عند الله تعالى ويفضل غيره فقال:
(إن أكرمكم عند الله أتقاكم) أي: أرفعكم منزلة عند الله وأكثركم ثوابا أتقاكم لمعاصيه، وأعملكم بطاعته.

(1) رواه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 374 عن ابن عباس ولم يذكر اسم الرجلين إلا بلفظ " رجلين من الصحابة ".
(2) قاله مجاهد. راجع تفسير الطبري: ج 11 ص 397.
(3 و 4) في نسخة " من " بدل " بن ".
(٤٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 ... » »»