تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٣٩٨
أعملكم وأنتم لا تشعرون (2) إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم (3) إن الذين ينادونك من ورآء الحجرات أكثرهم لا يعقلون (4) ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم (5)) (لا تقدموا) يجوز أن يكون من: قدم بمعنى: " تقدم "، مثل: وجه وبين بمعنى: " توجه " و " تبين "، ويعضده قراءة من قرأ: " لا تقدموا " (1)، أي: لا تتقدموا فحذف أحد التاءين، ويجوز أن يكون متعديا، يقال: قدمه وأقدمه، فحذف المفعول ليتناول كل ما يقدم، والمعنى: لا تقطعوا أمرا دون أن يأذن الله ورسوله فيه، وعن ابن عباس: لا تتكلموا قبل أن يتكلم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإذا سئل عن مسألة فلا تسبقوه بالجواب حتى يجيب أولا (2). وعن الحسن: نزل في قوم ذبحوا الأضحية قبل صلاة العيد فأمرهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالإعادة (3). وعلى الجملة فالمراد: كونوا تبعا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخروا أقوالكم وأفعالكم عن قوله وفعله، ولا تعملوا شيئا من ذات أنفسكم حتى تستأمروه (واتقوا الله) فإنكم إن اتقيتموه لم تسبقوا رسوله بقول ولا فعل حتى يأمركم به (إن الله سميع) لأقوالكم (عليم) بأعمالكم.
ثم أعاد سبحانه النداء عليهم استدعاء منهم لتجديد الاستبصار عند كل خطاب وارد: (لا ترفعوا أصوتكم فوق صوت النبي) يعني: إذا نطق ونطقتم فعليكم أن لا تبلغوا بأصواتكم وراء الحد الذي يبلغه صوته (ولا تجهروا له

(1) وهي قراءة يعقوب. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 689.
(2) حكاه عنه الطبري في تفسيره: ج 11 ص 377.
(3) تفسير الحسن البصري: ج 2 ص 294.
(٣٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 392 393 394 395 397 398 399 400 401 402 403 ... » »»