تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٣٩٤
رسوله)، وإما مبتدأ و (رسول الله) عطف بيان، (والذين معه) أصحابه (أشدآء على الكفار رحمآء بينهم) جمع " شديد " و " رحيم ". وعن الحسن: بلغ من تشددهم على الكفار أنهم كانوا يتحرزون من ثيابهم أن يلزق بثيابهم ومن أبدانهم أن تمس أبدانهم، وبلغ من تراحمهم فيما بينهم أن كان لا يرى مؤمن مؤمنا إلا صافحه وعانقه (١). ومثله قوله: ﴿أذلة على المؤمنين أعزة على الكفرين﴾ (2)، (تراهم ركعا سجدا) إخبار عن كثرة صلاتهم ومداومتهم عليها (يبتغون) أي: يلتمسون بذلك زيادة نعمة من الله يطلبون مرضاته.
(سيماهم) علامتهم (في وجوههم) يريد: السمة التي تحدث في جبهة السجاد من كثرة السجود، يفسرها قوله: (من أثر السجود) أي: من التأثير الذي يؤثره السجود، وكان يقال لعلي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام): ذو الثفنات؛ لأنه كان قد ظهر في مواضع سجوده أشباه ثفنات البعير. وعن سعيد بن جبير: هي ندى الطهور وتراب الأرض (3). (ذلك) الوصف (مثلهم) أي: وصفهم العجيب الشأن (في التوراة) وتم الكلام، ثم ابتدأه: (ومثلهم في الإنجيل كزرع)، وقيل: معناه: ذلك مثلهم في الكتابين جميعا (4)، ثم ابتدأ فقال: (كزرع) أي: هم كزرع (أخرج شطئه) أي: فراخه، يقال: أشطأ الزرع إذا أفرخ. وقرئ: " شطأه " بفتح الطاء (5). (فآزره) من المؤازرة وهي المعاونة. وعن الأخفش: أنه أفعل (6)،

(١) حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج ٤ ص ٣٤٦.
(٢) المائدة: ٥٤.
(٣) حكاه عنه الماوردي في تفسيره: ج ٥ ص ٣٢٣.
(٤) قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: ج ٥ ص ٢٩.
(٥) وهي قراءة ابن كثير وابن عامر. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص ٦٠٤.
(٦) معاني القرآن: ج 2 ص 695.
(٣٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 389 390 391 392 393 394 395 397 398 399 400 ... » »»