تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ٢٠٦
الخلقة التي افتخرت بها فاسود وأظلم بعد أن كان أبيض نورانيا (١).
وقرئ: (فالحق) بالرفع والنصب (٢)، فالرفع على أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي: فأنا الحق، أو مبتدأ محذوف الخبر أي: فالحق قسمي، والنصب على أنه مقسم به والتقدير: الحق لأملأن، نحو: الله لأفعلن (الحق أقول) اعتراض بين المقسم به والمقسم عليه، والمراد بالحق: إما اسمه جل وعز الذي في قوله: ﴿أن الله هو الحق المبين﴾ (3) أو: الحق الذي هو نقيض الباطل عظمه الله سبحانه بإقسامه به. (منك) أي: من جنسك وهم الشياطين (وممن تبعك منهم) من ذرية آدم، والمعنى: (لأملأن جهنم) من المتبوعين والتابعين (أجمعين).
(مآ أسئلكم عليه) أي: على القرآن (من أجر) تعطونيه (ومآ أنا من المتكلفين) من الذي يتصنعون ويتحلون بما ليسوا من أهله.
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " للمتكلف ثلاث علامات: ينازع من فوقه، ويتعاطى ما لا ينال، ويقول ما لا يعلم " (4).
وما (هو) يعني القرآن (إلا ذكر) للخلق أجمعين. (ولتعلمن) خبر صدقه وحقيقة حقه، (بعد) الموت، أو بعد ظهور أمر الدين وفشو الإسلام.
* * *

(١) حكاه الزمخشري في الكشاف: ج ٤ ص ١٠٧.
(٢) وبالنصب قرأه ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر والكسائي. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص ٥٥٧.
(٣) النور: ٢٥.
(٤) أخرجه البيهقي في شعب الايمان: ج ٤ ص ١٥٧ ح ٤٦٤٧، والصدوق في الخصال:
ص 121 عن أبي عبد الله (عليه السلام).
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»