منع اللطف تسجيلا عليهم بأن لا لطف لهم، وأنهم في علم الله من الهالكين، ولم يرد به الهداية إلى الإيمان كقوله: ﴿أما ثمود فهدينهم﴾ (1) وكذبهم قولهم: إن الملائكة بنات الله، ولذلك عقبه بقوله: (لو أراد الله أن يتخذ ولدا) أي: لو أراد اتخاذ الولد لامتنع ولم يصح ولم يتأت ذلك لكونه محالا، إلا أن يصطفي من خلقه بعضهم ويقربهم، كما يختص الرجل ولده ويقربه، ثم تنزه نفسه عن اتخاذ الولد بقوله:
(سبحنه) أي: تنزيها له عن ذلك.
ثم دل بخلق السماوات والأرض، وتكوير كل واحد من الملوين (2) على الآخر، وتسخير النيرين (3) وجريهما (لأجل مسمى)، وبث الناس على كثرتهم (من نفس وحدة) وخلق الأنعام على أنه واحد لا ثاني له في القدم، قهار لا يغالب. والتكوير: اللف واللي، يقال: كار العمامة على رأسه وكورها، والمعنى:
يغشي الليل النهار، يذهب هذا ويغشي مكانه هذا، فكأنه لفه عليه كما يلف اللباس على اللابس، وقيل: معناه: أن كل واحد منهما يغيب الآخر: إذا طرأ عليه، فشبه بشيء ظاهر لف عليه ما غيبه عن الناظر (4).
(خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الانعم ثمنية أزواج يخلقكم في بطون أمهتكم خلقا من بعد خلق في ظلمت ثلث ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون (6) إن تكفروا فإن الله غنى عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن