تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ١٨٦
وروي: أنه (عليه السلام) استعبر ثم قال: يا عم، والله لو وضعت الشمس في يميني والقمر في شمالي ما تركت هذا القول حتى أنفذه أو أقتل دونه، فقال له أبو طالب:
امض لأمرك، فوالله لا أخذلك أبدا (1).
و (أن) هي المفسرة بمعنى: " أي "، لأن انطلاقهم من مجلس التقاول يتضمن معنى القول (إن هذا) الأمر (لشىء يراد) أي: يريده الله تعالى وما أراد الله كونه فلا مرد له، ولا ينفع فيه إلا الصبر، وقيل: معناه: أن هذا الأمر الذي نراه من زيادة أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لشيء من نوائب الدهر يراد بنا ولا انفكاك لنا منه (2) ومعنى (واصبروا على آلهتكم): اصبروا على عبادتها والتمسك بها حتى لا تزالوا عنها.
(ما سمعنا بهذا) في ملة عيسى التي هي آخر الملل، لأن النصارى يقولون:
ثالث ثلاثة ولا يوحدون، أو: في ملة قريش التي أدركنا عليها آباءنا، أو: ما سمعنا بهذا كائنا في الملة الآخرة، على أن يكون (في الملة الآخرة) حالا من (هذا) فلا يتعلق ب‍ (ما سمعنا) كما في الوجهين، والمعنى: أنا لم نسمع من أهل الكتاب ولا الكهان أنه يحدث التوحيد في الملة الآخرة. ما (هذا إلا اختلق) أي: افتعال وكذب.
ثم أنكروا أن يختص (عليه السلام) بشرف النبوة من بين رؤسائهم، وينزل عليه الكتاب دونهم (بل هم في شك من) القرآن المنزل، ووصفهم له بالاختلاق مخالف لاعتقادهم فيه، وإنما يقولونه على سبيل الحسد (بل) لم (يذوقوا) عذابي بعد، فإذا ذاقوه زال عنهم ما بهم من الشك والحسد.

(١) رواه البيهقي في دلائل النبوة: ج ٢ ص ١٨٧.
(2) قاله البغوي في تفسيره: ج 4 ص 49.
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»