تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ١٦٩
على إفك وباطل في شركهم. ويجوز أن يكون " إفكا " مفعولا به، أي: أتريدون به إفكا؟ ثم فسر الإفك بقوله: " آلهة من دون الله " على أنها إفك في نفسها، ويجوز أن يكون حالا، أي: أتريدون آلهة من دون الله آفكين؟! (فما ظنكم) بمن هو الحقيق بالعبادة؟ لأن من كان رب العالمين استحق عليهم أن يعبدوه حتى تركتم عبادته إلى عبادة الأصنام، والمعنى: أنه لا يقدر في ظن ولا وهم ما يصد عن عبادته، أو:
فما ظنكم به؟ فماذا يفعل بكم وقد عبدتم غيره؟
(فنظر نظرة في النجوم) في علم النجوم أو في كتابها أو في أحكامها، لأنهم كانوا يتعاطون علم النجوم فأوهمهم أنه استدل بأمارة في علم النجوم على أنه يسقم (فقال إنى سقيم) أي: مشارف للسقم، وهو من معاريض الكلام، وإنما نوى به أن من كان آخر أمره الموت سقيم. وروي عن الباقر والصادق (عليهما السلام) أنهما قالا:
" والله ما كان سقيما ولا كذب " (١) (فتولوا عنه) فأعرضوا عنه وتركوه وخرجوا إلى عيدهم (فراغ إلى ءالهتهم) فمال إلى أصنامهم في خفية (فقال ألا تأكلون ما لكم لا تنطقون) استهزاء بها وبانحطاطها عن حال عبدتها (فراغ عليهم) فأقبل عليهم يضربهم (ضربا)، أو: فراغ عليهم ضربا بمعنى: ضاربا (باليمين) أي:
ضربا شديدا قويا، لأن اليمين أقوى الجارحتين وأشدهما بالقوة، وقيل: بسبب الحلف (٢) وهو قوله: ﴿تالله لأكيدن أصنامكم﴾ (3).
(فأقبلوا) بعد الفراغ من عيدهم إلى إبراهيم، قرئ: " يزفون " (4) يسرعون،

(١) رواه الكليني في الكافي: ج ٨ ص ٣٦٨ ح ٥٥٩ قطعة منه، والصدوق في معاني الأخبار:
ص ٢١٠ ح ١.
(٢) حكاه الطبري في تفسيره: ج ١٠ ص ٥٠٣ عن بعض أهل العربية.
(٣) الأنبياء: ٥٧.
(4) قرأه حمزة والمفضل عن عاصم. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 548.
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»