(إن) هي المخففة من الثقيلة، وهم مشركو قريش كانوا يقولون: (لو أن عندنا ذكرا) كتابا (من) كتب (الأولين) الذين نزل عليهم التوراة أو (١) الإنجيل، لأخلصنا العبادة لله، ولما خالفنا كما خالفوا، فجاءهم الذكر (٢) الذي هو سيد الأذكار، وهو المعجز من بين الكتب (فكفروا به فسوف يعلمون) عاقبة كفرهم.
الكلمة هي قوله: (إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغلبون) سماها كلمة وإن كانت كلمات عدة؛ لأنها لما انتظمت في معنى واحد كانت في حكم كلمة مفردة. و " هم " في: (لهم) فصل، والمراد: الوعد بعلوهم على عدوهم في الدنيا، وعلوهم عليهم في الآخرة.
(فتول عنهم) وأغض عليهم أذاهم (٣) (حتى حين) إلى مدة يسيرة هي مدة الكف عن القتال (وأبصرهم) وما يقضى عليهم من القتل والأسر عاجلا، والعذاب الأليم آجلا (فسوف يبصرون) - ك وما يقتضى لك من النصرة والتأييد اليوم والثواب والنعيم غدا، والمراد بالأمر بإبصارهم على الحال المنتظرة الموعودة الدالة على أنها كائنة لا محالة، قريبة الوقوع كأنها قدام ناظريك، وفي ذلك تسلية له صلوات الله عليه وآله.
وكانت العرب تفاجئ أعداءها بالغارة صباحا، فخرج الكلام على عادتهم، فكأن العذاب الذي ينزل بساحتهم جيش نزل بساحتهم فشن عليهم الغارة، ولأن الله سبحانه أجرى العادة بتعذيب الأمم وقت الصباح، كما قال: ﴿إن موعدهم الصبح﴾ (4) والمعنى: (فسآء صباح المنذرين) وصباحهم.