لما لزمته الحجة (قالوا ابنوا له بنينا) وعن ابن عباس: بنوا حائطا من الحجارة طوله في السماء ثلاثون ذراعا، وعرضه عشرون ذراعا، وملؤوه نارا وألقوه فيها (فجعلنهم الأسفلين) بأن أهلكناهم ونجيناه وسلمناه (١).
(وقال) إبراهيم: (إنى ذاهب إلى ربى) أي: مهاجر إلى حيث أمرني ربي بالمهاجرة إليه من أرض الشام. أي (رب هب لي) بعض (الصلحين) يريد الولد، لأن لفظ " الهبة " على الولد أغلب وإن كان قد جاء في الأخ حيث قال:
﴿ووهبنا له من رحمتنآ أخاه هرون﴾ (٢) قال سبحانه: ﴿ووهبنا له يحيى﴾ (٣) ﴿ووهبنا له إسحق ويعقوب﴾ (4) و (بشرناه بغلم حليم) اشتملت البشارة على أن الولد ذكر، وأنه يبقى حتى ينتهي في السن ويوصف بالحلم، وأي حلم أعظم من حلمه حين عرض عليه أبوه الذبح فقال: (ستجدني إن شاء الله من الصبرين) ثم استسلم لذلك معه.
بيان: كأنه لما قال: (فلما بلغ معه السعي) أي: الحد الذي يقدر فيه على السعي، قيل: مع من؟ قال: مع أبيه، وكان إذ ذاك ابن ثلاث عشرة سنة، أتي في المنام فقيل له: اذبح ابنك، ورؤيا الأنبياء وحي فلهذا قال: (إنى أرى في المنام أني أذبحك) والأولى أن يكون قد أوحي إليه في حال اليقظة، وتعبد بأن يمضي ما يؤمر به في حال النوم (فانظر ماذا) تراه، أو: أي شيء ترى من الرأي، فيكون (ماذا) في موضع نصب بمنزلة اسم واحد، وعلى الأول يكون " ذا " بمعنى " الذي "، أي: ما الذي تبصره من رأيك؟ و " ما " مبتدأ، والموصول مع صلته خبره،