تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ١٦٤
وعن الأخفش: كل كأس في القرآن فهي الخمر (1) (من معين) من شراب جار في أنهار ظاهرة للعيون، وصف بما يوصف به الماء لأنه يجري في الجنة كما يجري الماء. (بيضآء) صفة للكأس (لذة) هي تأنيث " اللذ " ووزنه " فعل " مثل:
" صب " و " طب "، وقال يصف النوم:
ولذ كطعم الصرخدي تركته * بأرض العدى من خشية الحدثان (2) أو: وصفت باللذة كأنها نفس اللذة وذاتها. (لا فيها غول) لا يغتال عقولهم فتذهب بها، ولا يصيبهم منها وجع (ولا هم عنها ينزفون) من نزف الشارب: إذا ذهب عقله، ويقال للمطعون إذا خرج دمه كله: نزف فمات، وقرئ: " ينزفون " (3) من أنزف الشارب: إذا ذهب عقله أو شرابه، ومعناه: صار ذا نزف، ومثله: أقشع السحاب وقشعته الريح، وأكب الرجل وكببته، وحقيقتهما: دخلا في القشع والكب.
(قصرت الطرف) قصرن طرفهن على أزواجهن فلا يرين غيرهم، أو: لا يفتحن أعينهن دلالا (كأنهن بيض مكنون) في الأداحي، وهي بيض النعام، والعرب تشبه بها النساء وتسميهن ببيضات الخدود.
(فأقبل بعضهم) معطوف على (يطاف عليهم) والمعنى: يشربون فيتحادثون على الشراب فيقبل (بعضهم على بعض يتسآءلون) عما جرى عليهم ولهم في الدنيا، إلا أنه جيء به ماضيا على عادة الله عز اسمه في إخباره. (قال قآئل منهم إنى كان لي قرين) في دار الدنيا أي: صاحب يختص بي (يقول)

(1) حكاه عنه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 42.
(2) البيت منسوب لابن الأعرابي، يقول: ورب شيء لذيذ - يعني النوم - طعمه كطعم الشراب الطيب تركته بأرض الأعداء خوف نزول المكاره بي. أنظر لسان العرب: مادة " لذذ ".
(3) قرأ حمزة والكسائي. راجع التذكرة في القراءات لابن غلبون: ج 2 ص 636.
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»