تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ١٥٨
زيناها بالكواكب، وقيل: حفظناها حفظا من كل شيطان (1) (مارد) خارج من الطاعة متملس منها. والضمير في (لا يسمعون) ل‍ (كل شيطن)، لأنه في معنى الشياطين، وقرئ بالتخفيف (2) والتشديد، وأصله " يتسمعون "، والتسمع: طلب السماع، يقال: تسمع فسمع أو فلم يسمع، وهو كلام منقطع مما قبله، فيه اقتصاص حال المسترقة للسمع، وأنهم لا يقدرون أن يسمعوا إلى كلام الملائكة أو يتسمعوا إليه، وهم مقذفون (من كل جانب) من جوانب السماء بالشهب مدحورون عن ذلك أي: مدفوعون بالعنف مطرودون (ولهم) مع ذلك (عذاب واصب) أي:
دائم يوم القيامة (إلا من) أمهل حتى (خطف) خطفة، أو استرق استراقة، فعندها يعاجله الهلاك بإتباع الشهاب الثاقب وهو النير المضيء، والفرق بين قولك: " سمعت فلانا يتحدث "، و " سمعت إليه يتحدث " أن المعدى بنفسه يفيد الإدراك، والمعدى بإلى يفيد الإصغاء مع الإدراك. و (الملأ الاعلى) الملائكة، لأنهم يسكنون السماوات، والإنس والجن الملأ الأسفل لأنهم سكان الأرض، وعن ابن عباس: هم أشراف الملائكة (3)، وعنه: الكتبة من الملائكة (4).
و (دحورا) في موضع الحال، أي: مدحورين، أو مفعول له أي: يقذفون للدحور، و (من خطف) مرفوع الموضع بدل من الواو في (لا يسمعون) أي: لا يتسمع الشياطين إلا الشيطان الذي خطف الخطفة.
(فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنآ إنا خلقنهم من طين

(1) حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 35.
(2) وهي قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر وأبي عمرو وعاصم برواية أبي بكر. راجع كتاب السبعة في القراءات: ص 547.
(3 و 4) حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 35.
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»