تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ١٧٣
منه هو الله عزو جل لأنه الآمر بالذبح، والفادي هو إبراهيم (عليه السلام)، وهب الله سبحانه له الكبش ليفدى به. وإنما قال: (وفدينه) إسنادا للفداء إلى السبب الذي هو الممكن من الفداء بهبته.
واختلف في الذبيح على قولين: أحدهما: أنه إسحاق، والأظهر في الروايات أنه إسماعيل، ويعضده قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " أنا ابن الذبيحين " (١) وكذلك قوله سبحانه بعد قصة الذبح: (وبشرنه بإسحق نبيا من الصلحين) ولا بد من تقدير مضاف محذوف، أي: بوجود إسحاق، و (نبيا) حال مقدرة، والمعنى: بأن يوجد مقدرة نبوته، والعامل في الحال الوجود لا فعل البشارة، فيكون نظير قوله:
﴿فادخلوها خلدين﴾ (2)، وقوله: (من الصلحين) حال ثانية وردت على سبيل الثناء والتقريظ، لأن كل نبي لابد أن يكون من الصالحين.
(وبركنا عليه وعلى إسحق) أي: جعلنا ما أعطيناهما من الخير دائم البركة ثابتا ناميا، ويجوز أن يكون المراد كثرة ولدهما وبقاءهم قرنا بعد قرن إلى أن تقوم الساعة.
(ولقد مننا على موسى وهرون (114) ونجينهما وقومهما من الكرب العظيم (115) ونصرنهم فكانوا هم الغلبين (116) وءاتينهما الكتب المستبين (117) وهدينهما الصراط المستقيم (118) وتركنا عليهما في الأخرين (119) سلم على موسى وهرون (120) إنا كذا لك نجزى المحسنين (121) إنهما من عبادنا المؤمنين (122)) (الكرب العظيم) تسخير قوم فرعون إياهم، واستعمالهم في الأعمال

(١) رواه ابن عساكر في تاريخه: ج ٢ ص ١٥٠.
(٢) الزمر: ٧٣.
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»