تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ١٦٧
ب‍ (رءوس الشيطين) دلالة على تناهيه في الكراهة وقبح المنظر، لأن الشيطان مكروه مستقبح في طباع الناس، وقيل: الشيطان: حية عرفاء قبيحة المنظر هائلة جدا (1) وقيل: إن شجرا يقال له: الأستن خشنا منتنا مرا منكر الصورة يسمى ثمره:
رؤوس الشياطين (2) (لأكلون منها) أي: من طلعها (فمالئون) بطونهم منه لشدة ما يلحقهم من الجوع، فتغلي بطونهم فيعطشون فيسقون بعد ملي ما هو أحر، وهو الشراب المشوب بالحميم (ثم إن مرجعهم) بعد أكل الزقوم وشرب الحميم (لإلى الجحيم) وذلك أنهم يوردون الحميم كما يورد الإبل الماء، ثم يردون إلى الجحيم وهي النار المتوقدة.
(إنهم) صادفوا (ءاباءهم) ذاهبين عن الحق، فهم يسرعون (على ءاثرهم) ويتبعونهم اتباعا، أي: ضل قبل هؤلاء الكفار عن طريق الهدى أكثر الأولين من الأمم الخالية، وفيه دلالة على أن أهل الحق في كل زمان كانوا أقل من أهل الباطل.
ولما ذكر إرسال المنذرين من الأنبياء والرسل، وسوء عاقبة المنذرين المكذبين عقبه سبحانه بقصة نوح ودعائه إياه حين يئس من قومه فقال:
(ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون (75) ونجينه وأهله من الكرب العظيم (76) وجعلنا ذريته هم الباقين (77) وتركنا عليه في الأخرين (78) سلم على نوح في العلمين (79) إنا كذلك نجزى المحسنين (80) إنه من عبادنا المؤمنين (81) ثم أغرقنا الأخرين (82) وإن من شيعته ى لإبراهيم (83) إذ جآء ربه بقلب سليم (84) إذ قال لأبيه

(1) حكاه القرطبي في تفسيره: ج 15 ص 87 ونسبه إلى الزجاج والفراء.
(2) حكاه الزمخشري في الكشاف: ج 4 ص 46.
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»