تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ١٦٥
لي على وجه الإنكار علي والتهجين لي: (أئنك لمن المصدقين) بالبعث والحساب. (لمدينون) أي: لمجزيون، من الدين الذي هو الجزاء، أو: لمسوسون مربوبون، من دانه إذا ساسه.
وفي الحديث: " الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت " (1).
(قال) أي: ذلك القائل لإخوانه في الجنة: (هل أنتم مطلعون) إلى النار لأريكم ذلك القرين؟ وقيل: إن القائل هو الله (2)، وقيل: بعض الملائكة (3)، يقال:
طلع علينا فلان واطلع وأطلع بمعنى واحد، عرض عليهم الاطلاع فاعترضوه (فاطلع) هو بعد ذلك فرأى قرينه (في سوآء الجحيم) في وسطها. (قال) له:
(تالله إن كدت لتردين) " إن " هي المخففة من الثقيلة، واللام هي الفارقة، أي: إنك كدت تهلكني بما قلته لي ودعوتني إليه (ولولا نعمة ربي) علي بالعصمة والتوفيق (لكنت من المحضرين) الذين أحضروا العذاب معك في النار.
والفاء عاطفة على محذوف تقديره: أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين ولا معذبين؟! والمعنى: أن هذه حال المؤمنين أن لا يذوقوا إلا الموتة الأولى، بخلاف الكفار فإنهم في آلام وغموم وأحوال يتمنون فيها الموت كل ساعة، وإنما يقوله المؤمن تحدثا بنعمة الله بمسمع من قرينه ليكون توبيخا له، ويجوز أن يكون قولهم جميعا. وكذلك قوله: (إن هذا لهو الفوز العظيم) أي: إن هذا الأمر الذي نحن فيه، وقيل: هو من قول الله عز وجل اسمه تقريرا لقولهم (4).

(١) أخرجه أحمد في مسنده: ج ٤ ص ٢٤، والبيهقي في سننه: ج ٣ ص ٣٦٩ بسندهما عن شداد بن أوس.
(٢ و ٣) حكاه الزمخشري في الكشاف: ج ٤ ص ٤٤.
(٤) قاله الشيخ الطوسي في التبيان: ج ٨ ص ٥٠٠.
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»