تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٣ - الصفحة ١٦٢
بالحق وصدق المرسلين (37) إنكم لذآبقوا العذاب الأليم (38) وما تجزون إلا ما كنتم تعملون (39) إلا عباد الله المخلصين (40)) (يتسآءلون) يتعاتبون ويتلاومون، يقول الغاوي للذي أغواه: لم أغويتني؟
ويقول ذلك المغوي له: لم قبلت مني؟ و (اليمين) مستعارة لجهة الخير وجانبه، ومعناه: (إنكم كنتم تأتوننا) من قبل الدين فتروننا أن الحق والدين ما تضلوننا به، وقيل: إنها مستعارة للقوة والقهر، لأن اليمين موصوفة بالقوة وبها يقع البطش (1)، ومعناه: أنكم كنتم تأتوننا عن القوة والقهر فتجبروننا على الضلال، فأجابوهم بأن قالوا: بل اللوم لازم لكم إذ لم يكن (لنا عليكم) قدرة نجبركم بها على تخيركم الغي (بل كنتم قوما طغين) متجاوزين الحد في الكفر. (فحق علينا) فلزمنا (قول ربنآ) ووعيده: بأنا ذائقون لعذابه لا محالة؛ لعلمه بحالنا واستحقاقنا العقوبة، ولو حكى الوعيد كما هو لقال: إنكم لذائقون، ولكنه عدل به إلى لفظ المتكلم لأنهم متكلمون بذلك عن أنفسهم، ونحوه قول الشاعر:
لقد زعمت هوازن قل مالي (2) ولو حكى قولها لقال: قل مالك. (فإنهم) أي: فإن المتبوعين والتابعين جميعا (يومئذ) في ذلك اليوم (مشتركون) في العذاب والإهانة، كما كانوا مشتركين في الغواية.
(يستكبرون) أي: يأنفون من قول: (لا إله إلا الله)، ويستخفون بمن يدعوهم إلى هذه المقالة. (إنكم) أيها المشركون (لذآئقوا العذاب الأليم) على

(١) وهو قول الفراء في معاني القرآن: ج 2 ص 384.
(2) وعجزه: وهل لي غير ما أنفقت مال. لم نعثر على قائله، وهوازن امرأته. أنظر الكشاف:
ج 4 ص 40.
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»