____________________
فقالت: أشكو إلى الله فاقتي ووجدي، كلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمت عليه هتفت وشكت إلى الله فنزلت (في زوجها) في شأنه ومعناه (إن الله سميع بصير) يصح أن يسمع كل مسموع ويبصر كل مبصر. فإن قلت: ما معنى قد في قوله قد سمع؟ قلت: معناه التوقع لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمجادلة كانا يتوقعان أن يسمع الله مجادلتها وشكواها وينزل في ذلك ما يفرج عنها (الذين يظاهرون منكم) في منكم توبيخ للعرب وتهجين لعادتهم في الظهار لأنه كان من أيمان أهل جاهليتهم خاصة دون سائر الأمم (ما هن أمهاتهم) وقرئ بالرفع على اللغتين الحجازية والتميمية. وفى قراءة ابن مسعود بأمهاتهم وزيادة الباء في لغة من ينصب، والمعنى: أن من يقول لامرأته أنت على كظهر أمي ملحق في كلامه هذا للزوج بالأم وجاعلها مثلها، وهذا تشبيه باطل لتباين الحالين (إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم) يريد أن الأمهات على الحقيقة إنما هن الوالدات وغيرهن ملحقات بهن لدخولهن في حكمهن، فالمرضعات أمهات لأنهن لما أرضعن دخلن بالرضاع في حكم الأمهات، وكذلك أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين، لأن الله حرم نكاحهن على الأمة فدخلن بذلك في حكم الأمهات. وأما الزوجات فأبعد شئ من الأمومة لأنهن لسن بأمهات على الحقيقة ولا بداخلات في حكم الأمهات. فكان قول المظاهر من القول تنكره الحقيقة وتنكره الأحكام الشرعية وزورا وكذبا باطلا منحرفا عن الحق (وإن الله لعفو غفور) لما سلف منه إذا تيب عنه ولم يعد إليه، ثم قال (والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا) يعنى والذين كانت عادتهم أن يقولوا هذا القول المنكر فقطعوه بالإسلام ثم يعودون لمثله، فكفارة من عاد أن يحرر رقبة ثم يماس المظاهر منها لا تحل له مماستها إلا بعد تقديم الكفارة. ووجه آخر ثم يعودون لما قالوا ثم يتداركون ما قالوا لأن المتدارك للأمر عائد إليه، ومنه المثل: عاد غيث على ما أفسد: أي تداركه بالإصلاح، والمعنى: أن تدارك هذا القول وتلافيه بأن يكفر حتى ترجع حالهما كما كانت قبل الظهار. ووجه ثالث وهو أن يراد بما قالوا ما حرموه على أنفسهم بلفظ الظهار تنزيلا للقول منزلة المقول فيه نحو ما ذكرنا في قوله تعالى - ونرثه ما يقول - ويكون