الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول فإن الله هو الغنى الحميد.
لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب
____________________
(في كتاب) في اللوح (من قبل أن نبرأها) يعنى الأنفس أو المصائب (إن ذلك) إن تقدير ذلك وإثباته في كتاب (على الله يسير) وإن كان عسيرا على العباد. ثم علل ذلك وبين الحكمة فيه فقال (لكيلا تأسوا - ولا تفرحوا) يعنى أنكم إذا علمتم أن كل شئ مقدر مكتوب عند الله قل أساكم على الفائت وفرحكم على الآتي، لأن من علم أن ما عنده مفقود لا محالة لا يتفاقم جزعه عند فقده لأنه وطن نفسه على ذلك، وكذلك من علم أن بعض الخير واصل إليه وأن وصوله له يفوته بحال لم يعظم فرحه عند نيله (والله لا يحب كل مختال فخور) لأن من فرح بحظ من الدنيا وعظم في نفسه اختال وافتخر به وتكبر على الناس. قرئ بما آتاكم وأتاكم من الإيتاء والإتيان، وفى قراءة ابن مسعود: بما أوتيتم. فإن قلت: فلا أحد يملك نفسه عند مضرة تنزل به ولا عند منفعة ينالها أن لا يحزن ولا يفرح.
قلت: المراد الحزن المخرج إلى ما يذهل صاحبه عن الصبر والتسليم لأمر الله ورجاء ثواب الصابرين والفرح المطغى الملهى عن الشكر، فأما الحزن الذي لا يكاد الإنسان يخلو منه مع الاستسلام والسرور بنعمة الله والاعتداد بها مع الشكر فلا بأس بهما (الذين يبخلون) بدل من قوله - كل مختال فخور - كأنه قال: لا يحب الذين يبخلون، يريد الذين يفرحون الفرح المطغى إذا رزقوا مالا وحظا من الدنيا فلحبهم له وعزته عندهم وعظمه في عيونهم يزوونه عن حقوق الله ويبخلون به ولا يكفيهم أنهم بخلوا حتى يحملوا الناس على البخل ويرغبوهم في الإمساك ويزينوه لهم، وذلك كله نتيجة فرحهم به وبطرهم عند إصابته (ومن يتول) عن أوامر الله ونواهيه ولم ينته عما نهى عنه من الأسى على الفائت والفرح بالآتي فإن الله غنى عنه. وقرئ بالبخل. وقرأ نافع فإن الله الغنى، وهو في مصاحف أهل المدينة والشأم كذلك (لقد أرسلنا رسلنا) يعنى الملائكة إلى الأنبياء (بالبينات) بالحجج والمعجزات (وأنزلنا معهم الكتاب) أي الوحي (والميزان) روى أن جبريل عليه السلام نزل بالميزان فدفعه إلى نوح وقال: مرقومك يزنوا به (وأنزلنا الحديد) قيل نزل آدم من الجنة ومعه خمسة أشياء من حديد: السندان والكلبتان والميقعة والمطرقة والإبرة، وروى ومعه المر والمسحاة، وعن النبي صلى الله عليه وسلم " إن الله تعالى أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض، أنزل الحديد والنار والماء والملح " وعن الحسن وأنزلنا الحديد خلقناه كقوله تعالى - وأنزل لكم من الأنعام - وذلك أن أوامره تنزل من السماء وقضاياه وأحكامه (فيه بأس شديد) وهو القتال به (ومنافع للناس) في مصالحهم ومعايشهم وصنائعهم. فما من صناعة إلا والحديد آلة فيها أو ما يعمل بالحديد (وليعلم الله من ينصره ورسله) باستعمال السيوف والرماح وسائر السلاح في مجاهدة أعداء الدين (بالغيب) غائبا عنهم. قال ابن عباس رضي الله عنهما: ينصرونه
قلت: المراد الحزن المخرج إلى ما يذهل صاحبه عن الصبر والتسليم لأمر الله ورجاء ثواب الصابرين والفرح المطغى الملهى عن الشكر، فأما الحزن الذي لا يكاد الإنسان يخلو منه مع الاستسلام والسرور بنعمة الله والاعتداد بها مع الشكر فلا بأس بهما (الذين يبخلون) بدل من قوله - كل مختال فخور - كأنه قال: لا يحب الذين يبخلون، يريد الذين يفرحون الفرح المطغى إذا رزقوا مالا وحظا من الدنيا فلحبهم له وعزته عندهم وعظمه في عيونهم يزوونه عن حقوق الله ويبخلون به ولا يكفيهم أنهم بخلوا حتى يحملوا الناس على البخل ويرغبوهم في الإمساك ويزينوه لهم، وذلك كله نتيجة فرحهم به وبطرهم عند إصابته (ومن يتول) عن أوامر الله ونواهيه ولم ينته عما نهى عنه من الأسى على الفائت والفرح بالآتي فإن الله غنى عنه. وقرئ بالبخل. وقرأ نافع فإن الله الغنى، وهو في مصاحف أهل المدينة والشأم كذلك (لقد أرسلنا رسلنا) يعنى الملائكة إلى الأنبياء (بالبينات) بالحجج والمعجزات (وأنزلنا معهم الكتاب) أي الوحي (والميزان) روى أن جبريل عليه السلام نزل بالميزان فدفعه إلى نوح وقال: مرقومك يزنوا به (وأنزلنا الحديد) قيل نزل آدم من الجنة ومعه خمسة أشياء من حديد: السندان والكلبتان والميقعة والمطرقة والإبرة، وروى ومعه المر والمسحاة، وعن النبي صلى الله عليه وسلم " إن الله تعالى أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض، أنزل الحديد والنار والماء والملح " وعن الحسن وأنزلنا الحديد خلقناه كقوله تعالى - وأنزل لكم من الأنعام - وذلك أن أوامره تنزل من السماء وقضاياه وأحكامه (فيه بأس شديد) وهو القتال به (ومنافع للناس) في مصالحهم ومعايشهم وصنائعهم. فما من صناعة إلا والحديد آلة فيها أو ما يعمل بالحديد (وليعلم الله من ينصره ورسله) باستعمال السيوف والرماح وسائر السلاح في مجاهدة أعداء الدين (بالغيب) غائبا عنهم. قال ابن عباس رضي الله عنهما: ينصرونه